ولكن عن صاحب التخليص أنّهم يقولون : إنّ فاعل الخير يزدان ، وفاعل الشرّ أهرمن ، ويعنون بهما ملكا وشيطانا ، والله منزّه عن فعلي الخير والشرّ.
والمانويّة يقولون : إنّ فاعلهما النور والظلمة.
والديصانيّة يذهبون إلى مثل ذلك.
والجميع يقولون : إنّ الخير هو الّذي يكون جميع أفعاله خيرا ، والشرّ هو الّذي يكون جميع أفعاله شرّا ، ومحال أن يكون فاعل واحد وأفعاله كلّها خير وشرّ معا. انتهى ما حكي عن التلخيص.
وقال الملّا صدرا الشيرازيّ رحمه الله في شرحه على أصول الكافي : إنّ الثنويّة فرق كثيرة منهم المجوس أثبتوا أصلين مدبّرين قديمين يقتسمان الخير والشرّ ، والنفع والضرر ، والصلاح والفساد ، يسمّون أحدهما النور ، والثاني الظلمة ، وبالفارسية : يزدان وأهرمن ، ولهم تفصيل.
مذهب ومسائل المجوس كلّها تدور على قواعد النور والظلمة ولهم فيها قاعدتان عمدتان إحداهما بيان سبب امتزاج النور بالظلمة ، وذكروا في ذلك وجوها كثيرة يطول الكلام بذكرها :
منها : إنّهم قالوا : إنّ يزدان فكّر في نفسه أنّه لو كان لي منازع كيف يكون؟ وهذه الفكرة كانت رديّة غير مناسبة لطبيعة النور ، فحدثت الظلمة من هذه الفكرة ، وسمّي أهرمن وكان مطبوعا على الشرّ والضرر والفساد.
ومنها : إنّ النور أبدع أوّلا أشخاصا من النور كلّها روحانيّة نورانيّة ربّانيّة ، ولكنّ الشخص الأعظم الّذي اسمه زرزان شكّ في شيء من الأشياء ، فحدث أهرمن الشيطان من ذلك الشكّ.