ومنها : إنّ زرزان الكبير قام فزمزم تسعة آلاف وتسعة وتسعين سنة ليكون له ابن ، فلم يكن ، ثمّ حدّث في نفسه وفكّر وقال : لعلّ هذا العلم ليس بشيء فحدث أهرمن من ذلك الهمّ الواحد ، وزعموا أنّ الدنيا كانت سليمة من الشرور والآفات ، وكان أهلها في خير محض ، ونعيم خالص ، فلمّا حدث أهرمن حدثت الشرور والآفات والفتن ، ومنها غير ذلك.
والقاعدة الثانية : في سبب خلاص النور من الظلمة ، ولهم في هذا أيضا وجوه كثيرة :
منها : إنّه وقعت المحاربة بين عسكر النور وعسكر الظلمة مدّة كثيرة من ألوف السنين ، ثمّ يظفر عاقبة الأمر يزدان وجنوده وعند الظفر وإهلاك جنود أهرمن أجمعين تكون القيامة ، فيرتفع هؤلاء إلى عالم النور والسماء ، وينحطّ هؤلاء إلى الهاوية ودار الظلمة والجحيم ، فذلك سبب الامتزاج ، وهذا سبب الخلاص.
ومنها : إنّ الملائكة توسّطوا بعد المحاربة وصالحوا على أنّ العالم السفليّ خالص لجنود أهرمن ، والعالم العلويّ خالص لجنود يزدان ، ومنها غير ذلك من الوجوه الركيكة.
ومنهم الكيومرثيّة : أثبتوا أصلين ـ كما ذكرنا ـ إلّا أنّ المجوس الأصليّة لا يجوّزون أن يكونا قديمين أزليّين ، فقالوا : النور أزليّ ، والظلمة محدثة ، ثمّ لهم اختلاف في سبب حدوثها أمن النور حدثت والنور لا يحدث شرّا جزئيّا ، فكيف يحدث أصل الشرّ أي الظلمة أم شيء آخر ، ولا شيء يشارك النور في القدم والإحداث.