وهو قوله عزّ وجلّ (شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) (١) وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواسّ ، و «اللّام» دليل على إلهيّته بأنّه هو الله ، و «الألف» و «اللّام» مدغمان لا يظهران على اللسان ، ولا يقعان في السمع ، ويظهران في الكتابة ، دليلان على أنّ إلهيّته لطيفة (٢) خافية لا تدرك بالحواسّ ، ولا تقع في لسان واصف ، ولا اذن سامع ، لأنّ تفسير «الإله» هو الّذي أله الخلق عن درك ماهيّته وكيفيّته بحسّ أو بوهم ، لا بل هو مبدع الأوهام ، وخالق الحواسّ ، وإنّما يظهر ذلك عند الكتابة دليل على أنّ الله سبحانه أظهر ربوبيّته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة ، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه كما أنّ «لام» «الصمد» لا تتبيّن ولا تدخل في حاسّة من حواسّه الخمس ، فإذا نظر إلى الكتابة ظهر [له] ما خفي ولطف ، فمتى تفكّر العبد في ماهيّة الباري وكيفيّته ، أله فيه وتحيّر ولم تحط فكرته بشيء يتصوّر له ، لأنّه خالق الصور ، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنّه عزّ وجلّ خالقهم ومركّب أرواحهم في أجسادهم.
وأمّا «الصاد» فدليل على أنّه عزّ وجلّ صادق وقوله صدق ، وكلامه صدق ، ودعا عباده إلى اتّباع الصدق بالصدق ، ووعد بالصدق دار الصدق.
وأمّا «الميم» فدليل على ملكه وأنّه الملك الحقّ لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه.
__________________
(١) آل عمران : ١٨.
(٢) في المصدر : بلطفه.