الالباب وإنّه غني بالعظات والعبر ، زاخرٌ بالبصائر والدروس وإلى درجة لا توصف.
إنهم معجزةُ الخليقة بلا ريب ، وإن حياتهم لهي ـ في الحقيقة ـ ملحمة التاريخ الكبرى ، وساحة البطولات الخالدة ، ومسرح الحماسات العظمى ، الحية النابضة على مر العصور ، والايام.
لقد كان اولئك العظماء يعيشون في الاغلب على خط الثورات والتغييرات الاجتماعية الاول ( وبعبارة أصحّ ) كانت الثورات والتحولات الاجتماعية تجد مصداقيتها في حياتهم وتتجسد في مواقفهم ، ولهذا كانوا يشكلون ـ في واقع الأمر ـ حلقة الاتصال بين الدنياوات المختلفة المتناقضة ، وكانت حياتهم الحافلة بالاحداث شاهدة للألوان المختلفة والمشاهد المثيرة المتنوعة.
* * *
وعلى رأس اُولئك الرجال التاريخيين والعظماء الخالدين رسول الإسلام العظيم محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم فانه لم تتسم حياة أحد ـ من حيث وفرة الاحداث ، وعظمة الأمواج ، كما اتسمت به حياته صلىاللهعليهوآلهوسلم ولا اتصفت شخصية بمثل ما اتصف به ذلك النبي العظيم.
فلم يستطع احدٌ سواه أن يؤثِّر في بيئته ، ثم في جميع العالم ، وينفذ إلى أعماق الاعماق بمثل السرعة والسعة الّتي حصلت له صلىاللهعليهوآلهوسلم.
ولم يوجد أيُّ واحد منهم قط من مجتمعه المنحطّ المتخلّف ، حضارة بتلك العظمة والشموخ ، كما فَعلهُ رسولُ الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم وتلك حقيقة يقرّبها كل مؤرخي الشرق والغرب.
إنّ مطالعة عميقة لسيرة وحياة هذا الإنسان العظيم ، قادرة على أن تعلمنا الكثير الكثير ، وأن توقفنا على مشاهد متنوّعة في غاية النفع ومنتهى الفائدة.
إن مشاهد عجيبة مثل الأَيام الاُولى مِن بناء الكعبة المعظمة ، واستيطان اسلاف النبي الكريم « مكة » وهجوم عسكر الفيل الفاشل لهدم بيت اللّه المعظم ، والاحداث والملابسات المرافقة لمولد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم.