كل المحافظة رغم كل ما احرزه البشر في ضوء نشاطه الفكري والعقلي من تقدم ، في المعارف والعلوم.
هذا مضافاً إلى أن نسبة هؤلاء الأنبياء جميع ما عرضوه على المجتمعات البشرية إلى العالم الآخر واصرارهم على أنها من جانب اللّه تعالى وليست من نسيج افكارهم يناقض نظرية هذه الطائفة ، الّتي تفسر النبوة بالنبوغ.
لنقرأ معاً الآية الّتي يقول اللّه تعالى فيها حاكياً عن رسول الإسلام محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم : « إنْ أتَّبعُ إلاّ مَا يُوحى إليّ » (١).
أو يقول سبحانه : « إنْ هُوَ إلاّ وَحْي يُوحى » (٢).
٣ ـ يقولون : إنّ الوحي هو ظهور الشخصية الكامنة في النبي وايحاؤها لما ينفعه وينفع قومه المعاصرين له ، إليه.
وربما قالوا : إنَّ معلومات « محمَّد » وافكارَه وآمالَه وَلَدتْ لديه إلهاماً فاض من عقله الباطن أو نفسه الخفيّة على مخيلته السامية ، وانعكس اعتقاده على بصره فرأى الملَك ماثلا له وهو يتلو على سمعه ما حدّث به بعد ذلك.
وتوضيح هذه النظرية هو : ان لكل إنسان شخصيتين :
١ ـ الشخصية الظاهرة العادية وهي الّتي تخضع للحواس الخمس وتعمل بها.
٢ ـ الشخصية الباطنية وهي الّتي تعمل عندما تتعطل الحواس ، ويتعطل الشعورُ الظاهري :
وهذه الشخصية هي الّتي تحرك جميع أعضاء الجسم الانساني الّتي لا تخضع لارادته كالكبد والقلب ، والمعدة وغيرها ، كما انها هي مصدر الكثير من الإلهامات الطيبة في الظروف الحرجة.
ثم قالوا : وهذه الشخصية الباطنية قد اصبحت مدركة بالحس ، فان المنوَّم
__________________
١ ـ الأنعام : ٥٠.
٢ ـ النجم : ٤.