دُوَل الحيرة وغسّان :
على العموم كانت المناطقُ ذاتُ المناخ الجيّد من الجزيرة العربية حتّى آخر قرن قبل الإسلام تحت سيطرة ثلاث دول كبرى هي : « ايران » ، « الروم » ، « والحبشة ».
فالشرق والشمال الشرقي من هذه المنطقة كانت تحت حماية « ايران ».
والشمال الغربي كان تابعاً للروم.
والمناطق المركزية والجنوب كانت تحت نفوذ « الحبشة ».
وعلى أثر مجاورة هذه المناطق للدول المتحضّرة المذكورة ، وما كان بينها من نزاع وتنافس دائمين ظهرَت في المناطق الحدودية للجزيرة العربية دول شبه متحضرة ، وشبه مستقلة كان كلُ واحدة منها تابعة في حضاراتها لدولة متمدنة عظمى تجاورها.
وقد كانت دول « غسان » ، و « الحيرة » « وكنده » من هذه الدول شبه المستقلة وشبه المتمدنة ، وكانت كلُ واحدة منها تابعة لاحدى الدول العظمى آنذاك : « ايران » ، « الروم » ، « الحبشة ».
الحيرة : يتبيَّن من الآثار والأخبار أنه هاجرت ـ في أوائل القرن الثالث بعد الميلاد ـ بعضُ الطوائف العربية ، وذلك في نهايات الحكم الأشكناني ، إلى الأراضي المجاورة للفرات ، وسيطروا على قسم من أراضي العراق ، وقد أوجدت هذه الجماعةُ المهاجرةُ القرى والقلاع هناك ، شيئاً فشيئاً ، وأحدثت المدنَ الّتي مِن أهمّها : « الحيرة » الّتي كانت تقعُ على حافة صحراء بالقرب مِن مدينة الكوفة الحالية.
وقد كانت هذه المدينة ـ وكما يظهر من إسمها ـ في بداية أمرها قلعة ( لأن الحيرة تعني في اللغة السريانية : الدير وما يشبهه ) يسكنها العرب ثم تطورت شيئاً فشيئاً إلى مدينة.
وقد ساعد مناخها الجميل ، والمياهُ الوافرة الّتي تأتي اليها من الفرات ، وجودة