المستحبات.
وما ذكره من أنّ الاستحباب حكم شرعي فيتوقّف على الدليل الشرعي ، ففيه : أنّه مسلّم إلّا أنّ الأخبار المعتبرة المستفيضة الدالّة على أنّ «من بلغه ثواب على عمل فعمله التماس ذلك الثواب أوتيه وإن لم يكن الأمر كما بلغه» (١) كافية في إثبات استحباب كلّ ما ورد فيه رواية ولو لم تكن بشرائط الحجّيّة ، مضافا إلى شهادة حكم العقل بحسن إيجاد ما يحتمل كونه محبوبا لله تعالى ، واستحقاق الأجر بسببه ، وهذا وإن لم يكن موجبا لصيرورة الفعل بعنوانه المخصوص به مستحبّا شرعيا ـ كما أنّ الأخبار المستفيضة التي تقدّمت الإشارة إليها أيضا لا تقتضي ذلك ، لأنّ غاية مفادها رجحان إيجاد الفعل الذي بلغ فيه ثواب أو ما هو ملزوم للثواب ، أعني الأمر الشرعي ، وهذا لا يدلّ على استحبابه شرعا بعنوانه المخصوص ـ إلّا أنّه يستفاد منها وكذا من حكم العقل رجحان إيجاده ما لم يكن فيه احتمال حرمته ذاتا إذا كان إيجاده لأجل كونه ممّا ورد فيه أمر شرعي ، أو لرجاء كونه محبوبا لله تعالى ، فهذا العنوان يجعله راجحا ومحبوبا لله تعالى ولو لم يكن له حسن ذاتي مع قطع النظر عن هذا العنوان.
نعم لا يترتّب عليه ما هو من آثار كونه مستحبّا شرعيّا بعنوانه المخصوص به.
مثلا : لو قلنا : بأنّ كلّ غسل مستحب يرفع أثر الجنابة ، ووردت
__________________
(١) الكافي ٢ : ٧١ ـ ٢ ، الوسائل ، الباب ١٨ من أبواب مقدّمة العبادات ، الحديث ٧.