ما لم يحرز عدم المانع ولو بالأصل ، وأصالة عدم المانع على إطلاقها ممّا لا أصل لها وأصالة تأخّر كرّيته عن الملاقاة قد عرفت ما فيها.
هذا ، مع أنّ كون الملاقاة مقتضية للتنجيس الماء مطلقا غير مسلّم ، بل المسلّم كونها مقتضية لتنجيس الماء القليل ، لا لدعوى أنّ لوصف القلّة مدخلية في التأثير حتى يقال : إنّ وصف القلّة مرجعه إلى عدم الكرّية ، ولا معنى لكون الأمر العدمي دخيلا في التأثير ، فمرجعه إلى مانعية الكرّية ، بل لدعوى أنّ الملاقاة لا تصلح إلّا لتنجيس هذا المقدار من الماء نظير القذارات الصورية ، فإنّ قطرة من الدم مثلا تغيّر مثقالا من الماء ، ولا تغيّر رطلا ، لا لكون الكثرة في الثاني مانعة عن التغيّر ، وإلّا لما تغيّر بالدم الكثير أيضا ، بل لأنّ هذا المقدار من الدم لا يصلح لتغيير هذا المقدار من الماء ، وكذا مجرّد ملاقاة النجس لضعفها في التأثير لا تصلح إلّا لتنجيس الماء القليل المنقطع عن أصله.
وإناطة عدم انفعال الماء بكونه كرّا في الأخبار المستفيضة ، وكذا استثناء الحوض الكبير عمّا ينفعل بملاقاة النجس لا تدلّ إلّا على انفعال ما عدا الكرّ ، وأمّا أنّ الملاقاة مقتضية للتنجيس والكرّية مانعة عن فعلية أثره ـ كمانعية الصبغ الأحمر الطاهر عن ظهور وصف الدم في الماء ـ فلا ، والله العالم.
وقد يتخيّل جواز الاستدلال لهم : بقاعدة الطهارة في ما لو كان المتمّم ماء طاهرا بدعوى أنّا نعلم إجمالا بأنّ مجموع الماء البالغ حدّ الكرّ إمّا طاهر أو نجس ، لانعقاد الإجماع على عدم اختلاف ماء واحد ممتزج