شيء» (١) أنّه إذا كان جميع المياه الموجودة في العالم كرّا لا ينجّسه شيء ، بل المراد منه ليس إلّا أنّ الماء الذي يصيبه النجس إن كان هو في حدّ ذاته كرّا لا ينفعل بالنجاسة ، فلا بدّ من إطلاق الكرّية على الماء الملاقي للنجس ، وهو فرع اتّصال أجزائه بعضها ببعض ، وكونه مع ما يتمّم كرّيته ماء واحدا ، بل لنا أن نقول : إنّ مجرّد إطلاق الوحدة على مجموع الماء المتّصل لا يكفي في اندراجه في موضوع تلك الأدلّة ، بل لا بدّ من إطلاق الكرّية عليه بلحاظ جزئه الملاقي للنجس بحيث يصح عرفا أن يشار إلى ما لاقى النجس بقولنا : هذا الماء كرّ ، ولا ملازمة بينه وبين إطلاق الوحدة والكرّية على المجموع ببعض الاعتبارات.
توضيحه : أنّه إذا كان ماء إناء أو راوية كرّا ، فصبّ تدريجا في حوض خال ، فإنّا إذا راجعنا وجداننا لا نستبعد إطلاق الكرّية على الماء الجاري في الهواء الواصل بين الطرفين لشدّة اتّصاله وارتباطه بهما ، وكذا لا نتحاشى عن عدّ الماء العالي من أجزاء السافل وإطلاق الكرّيّة على السافل بلحاظ كونه متمّما بالعالي ، بل نرى ارتباط العالي بالجزء السافل الملاقي للنجس لقاهريته على السافل ، وميلة إليه أشدّ من ارتباط بعض الماء الواقف ببعض ، وهذا بخلاف الماء العالي ، فإنّ ما ينزل منه يضعف ارتباطه به ، فكأنّه ينفصل عنه ، فلا يساعد أذهاننا على إطلاق الكرّية عليه ، فلا يبعد دعوى أنّه يفهم عرفا من مثل قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء كرّا
__________________
(١) الكافي ٣ : ٢ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ٣٩ ـ ١٠٧ ، الإستبصار ١ : ١١ ـ ١٧ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.