إلى الآخر قرينة معيّنة للمراد منهما بشهادة العرف ، كما لو كان لفظ «المنّ» مشتركا بين مقدار ونصفه ، وبين مقادير اخرى ، وقال القائل : إن جاءك زيد فأعطه منّا من الحنطة ، ثم قال : إن جاءك زيد فأعطه منّين ، يرفع كلّ واحد منهما الإجماع عن الآخر ، ويتعيّن المراد من بين سائر المعاني وإن كانت كثيرة ، ووجهه واضح ، فيجب بمقتضى الجمع بين الروايتين حمل الصحيح على الرطل المكّي ، والمرسل على العراقي.
ويؤيّد هذا الحمل : كون محمد بن مسلم ـ على ما قيل (١) ـ من أهل الطائف وهو من توابع مكة ، كما أنّ كون المرسل عراقيا لا يخلو عن تأييد ، لقوّة احتمال سماعه من مشايخه الذين هم من أهل العراق ، أو احتمال كونه تفسيرا باصطلاحهم وكونه كذلك ممّا يقرّب إرادة هذا المعنى ، لا أنّه دليل حتى يتوجّه عليه المناقشة في صغراه : بأنّ المرسل غير المخاطب ، وفي كبراه : بأنّ عرف البلد مقدّم.
هذا ، مع أنّ حمل الرطل في الصحيح على المكّي متعيّن ، لأنّ حمله على المدني أو العراقي يستلزم طرحه ، لمخالفته للإجماع على ما صرّح به غير واحد (٢).
ولمعارضته برواية علي بن جعفر (٣) ، الواردة في انفعال ألف رطل من الماء وقع فيه أوقية من البول.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١٦٤ ذيل الرقم ٢٧٧ ، وجامع الرواة ٢ : ١٩٣.
(٢) راجع : مدارك الأحكام ١ : ٤٧ ، الوسائل ، الباب ١١ من أبواب الماء المطلق ، ذيل الحديث ٣.
(٣) مسائل علي بن جعفر : ١٩٧ ـ ٤٢٠ ، الوسائل ، الباب ٨ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١٦.