عنهما ، يعارضهما صحيحة ابن بزيع (١) ، التي هي مع صحة سندها أقوى منهما دلالة ، لأنّ التعليل أظهر في إفادة المفهوم من الجملة الشرطية أو الوصفية.
ولا يبعد أن تكون النكتة في تقييد الموضوع بالكرّية ـ التي هي وصف غالبي في البئر ـ دفع استيحاش العامّة القائلين بنجاسة البئر ، فإنّ كون الكرّية سببا للاعتصام في الجملة غير منكر لديهم على الظاهر ، فحيثما علّق الإمام عليهالسلام عدم انفعال البئر بها لا يستنكرونه ، بل ربما يلتزمون به.
هذا ، مع ما فيه من التنبيه على إطلاق الحكم حتى في صورة الانقطاع عن المادّة.
وأمّا الموثّقة فظاهرها اشتراط الكثرة العرفية ولا قائل به ، فاعتبارها بحسب الظاهر لأجل صيانة ماء البئر عن التغيّر بزنبيل من العذرة.
وأمّا توهّم كون هذا القول جامعا بين الأخبار : ففيه ـ مضافا إلى ما عرفت من عدم انطباق الصحيحة عليه ـ عدم إمكان حمل أخبار النجاسة ـ بعد تسليم الدلالة كما هو المفروض ـ على إرادة ما لو كان ماء البئر أقلّ من كرّ ، لكونه الفرد النادر ، كيف وقد ورد في بعضها الأمر بنزح كرّ من الماء (٢) ، أو خمسين دلوا (٣) ، أو تراوح أربعة رجال (٤).
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٣٤ ـ ٦٧٦ ، الإستبصار ١ : ٣٣ ـ ٨٧ ، الوسائل ، الباب ٣ و ١٤ من أبواب الماء المطلق ، الأحاديث ١٢ و ٦ و ٧.
(٢) راجع : الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٥.
(٣) راجع : الوسائل ، الباب ٢٠ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١ و ٢.
(٤) راجع : الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الماء المطلق ، الأحاديث ١ و ٤ و ٦ والباب ٢٣ من تلك الأبواب ذيل الحديث ١.