بلا مهلة ، وقد يقصد إيجاده مطلقا ، وقد يأمر بإيجاده في وقت معيّن ، فالإيجاب على جميع التقادير مطلق ، والفعل في الفرض الأول والثالث مقيّد بزمان مخصوص دون الفرض الثاني ، والذي هو سبب لإيجاب المقدّمة إيجاب ذيها لا حضور زمان إيجاد الفعل.
والحاصل : أنّه لا بدّ من تأخّر زمان الفعل الذي تعلّق به الطلب عن زمان الإيجاب عقلا ، حتى لو فرض أنّه أمره في أوّل الصبح بعمل إلى الغروب ، نقول بشهادة العقل : إنّ زمان صدور الأمر الذي تحقّق به الإيجاب ليس مشمولا للطلب ، فإذا فرضنا أنّه يجب عليه الصوم من أول الصبح يجب عقلا أن يكون إيجابه قبل الصبح ، بل يعتبر في صحة التكليف أن يكون إيجابه مقدّما على زمان الفعل بمقدار يتمكّن فيه من تحصيل مقدّماته ، وإلّا فالتكليف قبيح.
فما يقال : من أنّ الواجبات المؤقّتة لا تجب إلّا بعد أوقاتها ، إن أريد أنّه لا يجب إيجادها إلّا في أوقاتها ، فهو حقّ ، وإن أريد أنّه لا يتحقّق وجوبها إلّا بعد الوقت ، ففيه ما عرفت.
وبما ذكرنا ظهر لك ـ مضافا إلى ما عرفت سابقا ـ بطلان قول من زعم أنّ العلم بصيرورة الصوم في اليوم واجبا سبب لوجوب الغسل ، لأنّ العلم بصيرورة الصوم في الصبح واجبا موقوف على جواز إيجابه عليه في أول الصبح ، وهو موقوف على أن لا يكون جنبا ، وإلّا يستلزم التكليف بما لا يطاق ، وكونه مقدورا بالواسطة في السابق لا يصحّح الإيجاب اللاحق ، فإذا كان صحة الطلب موقوفة على الغسل السابق ، كيف يكون العلم