مضافا إلى أنّ إنكار وجوب المقدّمة مطلقا فضلا عن خصوص المقام ممّا لا يجدي في حلّ الإشكال ، لأنّ نافي وجوبها لا ينكر إلزام العقل بإيجادها فرارا عن محذور ترك الواجب ، وإلّا لقبح العقاب على ترك ذيها بعد ترخيص العقل والشرع في تركها ، فالإشكال يبقى بحاله ، لأنّ إلزام العقل بفعل المقدّمة فرع لزوم ذيها ، وما لم يجب لا يحكم العقل بلزوم إيجاد مقدّماته ، كما هو الشأن في جميع المقدّمات الوجوبية في الواجبات المشروطة.
وما قيل في دفع الإشكال من أنّ العقلاء مطبقون على مذمّة من ترك مثل هذه المقدّمات ، فهذا كاشف عن وجوبها قبل وجوب ذيها ، ففيه : أنّه مسلّم ، وإنّما نشأ الإشكال من ذلك حيث إنّ وجوبها لذي العقل والعقلاء ليس إلّا لوجوب ذيها ، فكيف يقدّم المعلول على علّته!؟
وما قيل من أنّ العلم بوجوب ذيها علّة لوجوبها لا وجوبه ، ففيه : أنّ البديهة تشهد بأنّ العلم في حدّ ذاته ليس مقتضيا لوجوبها ، بل المقتضي له ليس إلّا توقّف ذيها عليها ، والعلم ليس إلّا طريقا لمعرفة الحكم.
والتحقيق في الجواب : هو أنّ الزمان في هذه الموارد ظرف للواجب لا شرط للوجوب ، أعني الطلب الشرعي المتعلّق بالفعل ، بل لا يعقل أن يكون الزمان الذي يقع فيه الواجب ظرفا للإيجاب حتى يكون تحقّقه مشروطا بحصوله ، لأنّ الطلب إنّما يتعلّق بإيجاد الفعل بعد زمان صدوره ، فيجب أن يكون زمان وقوع الفعل غير زمان الإيجاب ، ومن المعلوم أنّ الآمر به قد يقصد بطلبه إيجاب إيجاد الفعل بعد صدور الأمر