وهذه الرواية وإن كان مورد السؤال فيها القليل إلّا أنّ الجواب بظاهره يعمّ الكثير أيضا ، كما لا يخفى.
واعلم أنّ النصوص إنّما تضمّنت نزح الجميع في الخمر إلّا أنّ معظم الأصحاب ـ كما في المدارك (١) ـ لم يفرّقوا بينها وبين سائر المسكرات ، محتجّين عليه بإطلاق الخمر في كثير من الأخبار على كلّ مسكر ، فيثبت له حكمها.
وفيه تأمّل ، كما قد يتأمّل في ثبوت حكم الخمر ـ أعني نزح الجميع ـ لو وقع فيها عصير عنبيّ بعد اشتداده ما لم يذهب ثلثاه إن قلنا بنجاسته (أو) وقع فيها (فقّاع) لو لم نقل بنزح الجميع لغير المنصوص.
ولكن عن الشيخ ومن تأخّر عنه إلحاق الفقّاع بالخمر في الحكم المذكور (٢) ، بل عن الغنية الإجماع عليه (٣).
وهو كاف في المقام بعد البناء على المسامحة ، خصوصا مع اعتضاده بما في الروايات من «أنّه خمرة مجهولة» (٤) أو «خمرة استصغرها الناس» (٥) ولو لا تبادر الحرمة من وجه الاستعارة ، لكان ما في الروايات
__________________
(١) مدارك الأحكام ١ : ٦٣.
(٢) حكاه عنهم العاملي في مدارك الأحكام ١ : ٦٤ ، وانظر : النهاية : ٦ ، والمبسوط ١ :١١ ، والمراسم : ٣٤ ـ ٣٥ ، والمهذّب ـ لابن البرّاج ـ ١ : ٢١ ، والسرائر ١ : ٧٠.
(٣) كما في جواهر الكلام ١ : ٢١١ ، وانظر : الغنية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٤٩٠.
(٤) الكافي ٣ : ٤٠٧ ـ ١٥ ، التهذيب ١ : ٢٨٢ ـ ٨٢٨ ، الإستبصار ٤ : ٩٦ ـ ٣٧٣ ، الوسائل ، الباب ٣٨ من أبواب النجاسات الحديث ٥.
(٥) الكافي ٦ : ٤٢٣ ـ ٩ ، التهذيب ٩ : ١٢٥ ـ ٥٤٠ ، الإستبصار ٤ : ٩٥ ـ ٣٦٩ ، الوسائل ، الباب ٢٨ من أبواب الماء الأشربة المحرّمة ، الحديث ١ ، وفيها : «خميرة» بدل «خمرة».