وما يقال : من أنّ وقوع الكافر وخروجه حيّا يوجب نزح الجميع ، لكونه ممّا لا نصّ فيه ، فلا يجوز أن يجوز أن يكون موته بعد الوقوع موجبا لتقليل مقدّرة يتوجّه عليه أنّه اجتهاد في مقابل النصّ ، مع أنّ المتّجه على تقدير تسليم المدّعى قلب الدليل بأن يقال : إنّه يفهم من عموم الرواية حكم ما لو مات الكافر فيها ، ولا يجوز أن يكون خروجه حيّا موجبا لزيادة مقدّرة ، فيخرج بذلك عن كونه ممّا لا نصّ فيه.
لا يقال : إنّ الرواية مسوقة لبيان ما ينزح لأجل موته فيها ، فنجاسة كفره ليس إلّا كنجاسة خارجيّة ملاصقة بثوبه أو بدنه ممّا لم يرد فيها نصّ بالخصوص كالمنيّ.
لأنّا نقول : إنّ نجاسة كفره من الأعراض اللّازمة لهذا الصنف ، فإذا عمّه الدليل فكأنّه نصّ على أنّه لو وقع الكافر في البئر فمات ينزح منها سبعون دلوا ، وحيث إنّ الجهتين متلازمتان لا يصحّ تنزيل الحكم على إرادته من جهة دون اخرى ، نظير ما لو نفي البأس عن الصلاة ناسيا في الثوب المتلطّخ بخرء الكلاب ، فإنّه لا يمكن أن يدّعى أنّ الحكم بالصحّة من جهة نجاسته لا من جهة كونه فضلة غير المأكول.
هذا ، ولكن لقائل أن يقول بوضوح الفرق بين التنصيص على حكم الفرد وبين إرادته في ضمن العامّ ، فإنّ إطلاق نفي البأس عن الصلاة في عذرة الكلب المنسيّة وإرادة نفي البأس من حيث نجاستها قبيح ، وأمّا إرادته في ضمن العام كما لو قيل : لا بأس بالصلاة في النجاسة المنسيّة ، فلا قبح فيها أصلا ، ولتمام الكلام مقام آخر ، والله العالم.