لموت سائر الحيوانات في البئر ـ في بادئ النظر : اختصاص الحكم بما لو وقع فيها حيّا فمات ، ولكنّه قد أشرنا ـ فيما سبق ـ أنّ المتفاهم من مثل هذه الروايات ـ بواسطة ما هو المغروس في الأذهان من نجاسة الميتة ـ ليس إلّا أنّ هذا المقدار من النزح هو الذي يقتضيه انفعال البئر بملاقاة هذه النجاسة من دون أن يكون لوقوعه حيّا وزهاق روحه فيها مدخليّة في الحكم ، فالتعبير بوقوعه في البئر وموته فيها جار مجرى الغالب ، نظير قوله تعالى (وَرَبائِبُكُمُ اللّاتِي فِي حُجُورِكُمْ) (١) فعلى هذا لا فرق بين ما لو مات في البئر أو وقع فيها ميّتا.
نعم يتوجّه التفصيل حينئذ بين المسلم والكافر لو مات فيها ، بخلاف ما لو وقع فيها حيّا ، كما عن المحقّق والشهيد الثانيين (٢) ، فإنّه لو وقع الكافر فيها حيّا فمات ليس انفعال البئر مستندا إلى ميّت الإنسان ، لأنّ البئر انفعلت قبل الموت ، فلا مانع حينئذ عن الالتزام بوجوب نزح الجميع لو قلنا بذلك فيما لا نصّ فيه ، وأمّا لو وقع فيها ميّتا فمقدّره سبعون ، لأنّ الإنسان يعمّ المسلم والكافر ، كما يعمّ الصغير والكبير ، والذكر والأنثى.
نعم لو قلنا بأنّ الرواية مسوقة لبيان حكم ما لو وقع الإنسان في البئر حيّا فمات بأن يكون وقوعه حيّا من قيود الموضوع ، فالأوجه عدم التفصيل بين المسلم والكافر ، لعموم النصّ.
ودعوى انصرافه إلى المسلم ممنوعة.
__________________
(١) سورة النساء ٤ : ٢٣.
(٢) كما في جواهر الكلام ١ : ٢٢٩ ، وانظر : جامع المقاصد ١ : ١٤٠ ، وروض الجنان : ١٤.