رجل ذبح طيرا فوقع بدمه في البئر ، فقال : «ينزح منها دلاء ، هذا إذا كان ذكيّا فهو هكذا ، وما سوى ذلك ممّا يقع في بئر الماء فيموت فيه فأكبره الإنسان ينزح منها سبعون دلوا وأقلّه العصفور ينزح منها دلو واحد ، وما سوى ذلك فيما بين هذين» (١).
وعن المصنّف في المعتبر : أنّ هذه الرواية رواتها ثقات ، وهي معمول بها بين الأصحاب (٢). انتهى.
ولا يبعد أن يكون مراد الإمام عليهالسلام من قوله : «أكبره الإنسان» ما هو أكبر بحسب الجثّة ، فتكون الرواية منزّلة على الغالب ، إذ وقوع مثل الجمل وأشباهه في البئر نادر ، فلا ينافيها وجوب نزح الجميع لها ، وعلى هذا يستفاد من هذه الرواية حكم كلّ ما يموت في البئر ، ولا تكون جثّته أكبر من الإنسان.
ويحتمل أن يكون المراد من قوله عليهالسلام : «أكبره الإنسان» كونه أكبر بالنسبة إلى حكم النزح بمعنى أنّ مقدّرة أكثر من غيره.
لكن يضعّفه عدم استفادة الأصحاب منها ذلك ، كما يفصح عن ذلك نزاعهم في أنّ الفرس والبقرة وأشباههما ممّا لا نصّ فيه ، فلو فهموا من هذه الرواية هذا المعنى ، لجعلوه أصلا متّبعا في حكم كلّ ما يموت في البئر بحيث لا يرفع اليد عنه إلّا بما هو أخصّ منه ، كما لا يخفى.
ثمّ إنّ ظاهر الرواية ـ كغيرها من الأخبار الواردة في بيان ما ينزح
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٣٤ ـ ٦٧٨ ، الوسائل ، الباب ٢١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢.
(٢) كما في جواهر الكلام ١ : ٢٢٧ ، وانظر : المعتبر ١ : ٦٢.