وإلّا فلو علم بذلك يجب عليه إيجاد مقدّماته ولو قبل حصول الشرط ، فلو قال المولى لعبده : أكرم زيدا في الغد على تقدير مجيئه إيّاك ، فإذا أحرز العبد بطريق معتبر أنّه يتحقّق المجيء لا محالة ـ كما لو أرسل زيد خادمه إليه قبل مجيئه وأخبره بذلك ـ علم بتنجّز الخطاب في حقّه ، فيجب عليه السعي في تحصيل مقدّماته ولو قبل مجيئه ، فلو ترك بعض المقدّمات التي لا يمكن تحصيلها إلّا قبل الوقت ، ليس له الاعتذار بعدم تحقّق المجيء بعد أن علم أنّه سيتحقّق ، لما عرفت من أنّ الإيجاب على تقدير المجيء حاصل من حين صدور الخطاب ، فليس له مخالفته بعد علمه بحصول التقدير.
ومن هذا الباب وجوب تعلّم الأحكام التي يعلم إجمالا بأنّه لو لم يتعلّمها يقع في محذور مخالفة الشارع في شيء من التكاليف الشرعية ولو لم يتحقّق بالفعل شرطه أو لم يجب إيجاده إلّا بعد حين ، لأنّ الأحكام الشرعية بأسرها تعلّقت بموضوعاتها بعناوينها الكليّة بلحاظ تحقّقها في ضمن مصاديقها الخارجية من حين حدوث الشريعة ، فإذا بلغ المكلّف حدّ التكليف واندرج في زمرة من توجّهت إليه الخطابات الشرعية ، يتنجّز في حقّه جميع التكاليف الشرعية مطلقاتها ومقيّداتها ، منجّزاتها ومؤقّتاتها ، غاية الأمر أنّ الخروج عن عهدتها مرهونة بأوقاتها وموقوفة على حصول شرائطها ، فيجب عقلا ونقلا التهيّؤ للخروج عن عهدتها ولكن بشرط العلم بتحقّق شرط الوجوب ، أو أنّه سيتحقّق في ما بعد.