وكون أهالي الأعصار السابقة نوعا أشدّ قوّة وأعظم جثّة لا يقتضي عدم كون مثل هذه الدلاء ـ التي يتقضّى بها عامّة حوائجهم ـ متعارفة لديهم ، بل الاعتبار يقتضي تعارفها ، فيفهم من الإطلاق وترك التعرّض لبيان مقدار الدلو في شيء من الأخبار مع شدّة اختلاف الدلاء أنّ المدار على العدد المعيّن لا على مقدار الماء الذي ينزح من البئر.
نعم قد يتوهّم انسباق الدلو المتعارفة المعتادة في كلّ بئر بالنسبة إلى خصوص هذه البئر من الإطلاقات.
ويدفعه : أنّ الانصراف في مثله بدويّ منشؤه انس الذهن ، وإلّا فبعد الالتفات إلى أنّ الدلو ربما تتبدّل أو تنخرق أو تنعدم لا يبقى في الذهن خصوصية للدلو التي جرت العادة باستعمالها في خصوص البئر التي ينزح منها ، ولذا لا يتوهّم أحد حال اشتغاله بنزح المقدّر عدم كفاية إتمام المقدّر بدلو اخرى لو تلفت دلوه في الأثناء ، أترى هل يتوقّف أحد بعد أن سمع من الإمام عليهالسلام أنّه ينزح سبع دلاء لموت الفأرة في حكم البئر التي حفرها فوجد فيها فأرة قبل أن يستعملها ، أو أنّه ينزح منها سبع دلاء بأي دلو تحصل (١) بيده؟
نعم الأحوط في زماننا هذا اختيار ما كان من الدلاء المتعارفة أكبرها ، ولعلّه لا يخلو عن قوّة ، إذ لا وثوق بكون الصغار المتعارفة في هذه الأزمنة متعارفة في عصرهم ، والله العالم.
__________________
(١) في «ض ١» : حصلت.