أخصّيتها عن المدّعى ـ إذ الأسباب المتعدّدة قد توجد دفعة ـ يدفعها : أنّ مقتضاها عدم ثبوت الحكم المقدّر لهذا النوع لو سبقه نجاسة أخرى مقدّرها أقلّ من مقدّرة ، مع أنّه لا يقول به أحد.
اللهمّ إلّا أن يدّعى أنّ مغروسيّة أحكام النجاسات الخبثية واتّحاد آثارها في الجملة وتداخل أخفّها في أشدّها تصرف هذه الإطلاقات إلى مالا ينافيها. وفيها تأمّل.
والحاصل : أنّ مقتضى إطلاق دليل كلّ نوع : عموم تأثيره في جميع مصاديقه ، وتوقّف زوال أثره على نزح مقدّرة المنصوص.
نعم مقتضى الأصول العمليّة عند الشك في تأثير السبب الثاني في إيجاب النزح : عدمه ، إلّا أنّ إطلاقات الأدلّة حاكمة على الأصول ، وبعد إحراز التأثير بالإطلاقات فالأصل أيضا يقتضي بقاء ذلك الأثر إلى أن يحصل القطع بالمزيل.
مثلا : لو قال المولى لعبده : إن جاءك زيد فأعطه درهما ، وإن صلّى ركعتين فأعطه درهما ، فاتّفق حصول السببين في الخارج ، فمقتضى إطلاق القضيّتين : وجوب إعطاء درهمين ، إذ لو لم يجب إلّا درهم واحد ، للزم أن لا يكون كلّ منهما سببا مستقلّا بأن يكون مجموعهما سببا واحدا على تقدير وجودهما دفعة ، أو يكون الأوّل سببا لا غير على تقدير ترتّبها في الوجود ، وهو خلاف ظاهر القضيّة الشرطيّة ، لأنّ ظاهرها كون الشرط سببا مستقلّا للجزاء ، فلا يعقل تواردهما على معلول واحد شخصي.