نعم نظيره فيما نحن فيه : ما إذا توارد أسباب متعدّدة لنزح الجميع ، وهذا خارج عن موضوع المبحوث عنه ، وإنّما الكلام فيما إذا أمكن تضاعف النزح بتعدّد أسبابه ، وحيث إنّ المفروض إمكان تضاعف النزح وتماميّة السبب في إيجابه بمقتضى ظواهر الأدلّة ، فيجب أن يتعدّد بتعدّده الأثر ، ويتضاعف النزح ، فعلى الخصم إمّا إقامة الدليل على أنّ الأثر الحاصل من هذه الأسباب المختلفة المقتضية لإيجاب النزح ـ أعني انفعال البئر بهذه الأمور ـ أمر وحداني بسيط غير قابل للتعدّد والاشتداد ، كالحدث الأصغر الحاصل من أسباب مختلفة ، وكنجاسة الثوب الحاصلة من ملاقاة البول أو غيره ، فلا يكون تعدّد الأسباب إلّا مؤكّدا لوجوب نزح المقدار المعيّن المزيل لهذا الأثر الخاص بحكم العقل ، وأمّا إثبات أنّ نزح الأربعين مثلا رافع لمطلق الأثر الحاصل في البئر ممّا لا يزداد نزحه على الأربعين ، واحدا كان الأثر أم متعدّدا ، لا سبيل له إلى الأوّل ، خصوصا بعد ملاحظة اختلاف المقدّرات الكاشف عن مغايرة مقتضياتها.
وأمّا الثاني فقد يستدلّ له بإطلاق الأمر بالجزاء ، لأنّه إذا قال الشارع : إذا اغتسل الجنب في البئر فانزح سبع دلاء ، وإذا ماتت الفأرة فيها فانزح سبع دلاء ، فمقتضاه كفاية نزح السبع مطلقا لكلّ من السببين ، وإلّا للزم تقييد إطلاق السبع بما عدا السبع التي نزحت أوّلا من دون دليل.
وفيه : أنّ كونه تقييدا في الجملة مسلّم ، ولكنّ الدليل عليه هو إطلاق الشرط بضميمة حكم العقل باستحالة تعلّق وجوب آخر بتلك الطبيعة إلّا بلحاظ تحقّقها في ضمن فرد آخر ، فمعنى التشبّث بإطلاق الجزاء