إلّا كونها مسوقة لبيان كيفيّة تطهير البئر إذا انفعلت بملاقاة النجاسة الموجودة فيها من دون أن يكون لكيفيّة حدوثها في البئر ـ كوقوعها دفعة أو دفعات ـ مدخليّة في الحكم ، فمعنى قوله : إذا وقعت العذرة في البئر فانزح عشر دلاء ـ على ما يساعد عليه الفهم العرفي ـ أنّ البئر المنفعلة بهذه النجاسة مطهّرها عشر دلاء ، وهذا المعنى وإن كان مقتضاه تخصيص التأثير بالفرد الأوّل وإلغاء الشرطيّة بالنسبة إلى ما عداه من الأفراد إلّا أنّه لا ضير فيه بعد مساعدة العرف عليه ، بل لنا أن نقول : إنّ المتبادر من قوله :إذا وقعت العذرة في البئر فانزح عشر دلاء ، أو إذا اغتسل الجنب فانزح سبع دلاء ، إنّما هو سببيّة طبيعة الشرط ـ أعني ملاقاة العذرة أو اغتسال الجنب ـ من حيث هي بلحاظ تحقّقها في الخارج لثبوت الجزاء من دون أن يكون لخصوصيّاتها الشخصيّة مدخليّة في ثبوت الحكم ، ومعلوم أنّ الطبيعة من حيث هي لا تقبل التكرّر ، وإنّما المتكرّر أفرادها التي لا مدخليّة لخصوصيّاتها في الحكم ، وقضيّة كون السبب هي الطبيعة عند تحققها في أفراد متدرجة إنما هي حصول المسبب بتحققها في ضمن الفرد الأوّل ، وكون سائر الأفراد أسبابا شأنيّة ، فيكون تحقّقها في ضمن الفرد الثاني بمنزلة بقائها في ضمن الفرد الأوّل بعد حصول المسمّى ، فكما أنّ عدم تأثيرها ثانيا في الفرض الثاني ليس منافيا لظاهر الدليل كذلك في الفرض الأوّل.
واتّصاف ملاقاة العذرة ـ مثلا ـ التي هي السبب بالوحدة عند استدامتها إلى الزمان الثاني ، وبالتعدّد عند تجدّدها في ضمن الفرد الثاني