يصدق أيضا : وقع فيه الدم سبع مرّات ، بل ثمانية دماء قليلة ، فلا معنى لإلغاء ما يوجبه كلّ مرّة ، وليس في ذلك إلغاء لمقتضى مصداق الدم الكثير (١). انتهى كلامه رفع مقامه.
أقول : ما ذكره إنّما يتمّ بالنسبة إلى الجزء الأخير الذي هو سبب لحدوث عنوان الكثير ، فهذا الجزء من حيث ذاته مقتض لإيجاب عشرة ، ومن حيث إنّه سبب لحدوث عنوان الكثير سبب لإيجاب خمسين ، وتأثيره في إيجاب خمسين ينافي استقلاله في إيجاب العشرة ، لأنّ الأوّل موقوف على عدّة جزءا ممّا وقع ، والثاني على كونه فردا بانفراده.
والحاصل : أنّه لا يجوز أن يكون هذا الجزء سببا لإيجاب ستّين :عشرة لذاته ، وخمسين للعنوان الطارئ ، لما عرفت من تنافي الاعتبارين ، وأمّا ما عدا هذا الجزء فقد وجد مؤثّرا في إيجاب العشرة ، فلا ينقلب عمّا وجد عليه.
مثلا : إذا كان ما وقع أوّلا موجبا للعشرة ثم ضمّ إليه ما يوجب كثرته ، فهذا الجزء الثاني المؤثّر في طروّ عنوان الكثير سبب لإيجاب خمسين ، فوجب أن يكون الخمسون غير العشرة التي وجبت بالسبب السابق ، وإلّا للزم تقديم المسبّب على سببه ، وليس بقاء أثر السبب الأوّل دائرا مدار بقاء عينه حتى يقال بعد صيرورته كثيرا : إنّه لا بدّ وأن يكون تأثيره بأحد الاعتبارين ، فوقوعه في البئر سبب تامّ لإيجاب العشرة من دون أن يكون لبقائه مدخليّة في ذلك.
__________________
(١) كتاب الطهارة : ٣٦.