جواز الاستعمال ، أو قيل بأنّه مستحبّ كذلك ، لاتّجه القول بعدم لزوم الزائد عن القدر المتيقّن ، لأنّ الأصل براءة الذمّة عن المشكوك.
هذا ، ولكن لمانع أن يمنع انفعال البئر بالنجاسات الغير المنصوصة ، كما احتمله في المعتبر ، بل حكى قولا في المسألة ، بدعوى دلالة أخبار الطهارة على طهارتها مطلقا إلّا أنّه يجب تخصيصها بما ورد فيه نصّ بالخصوص (١).
وحيث إنّ المختار عدم نجاسة البئر ، واستحباب النزح بالمعنى الذي عرفته فيما سبق ، فلا يهمّنا الإطالة في تضعيف هذا الاحتمال أو تحقيقه ، ضرورة إمكان إثبات استحباب النزح في الجملة في غير المنصوص بعد ذهاب المشهور إليه ولو لأجل المسامحة في أدلّة السنن ، كما أنّه لا يهمّنا الفحص عمّا يصلح أن يكون مستندا لقولين آخرين محكيّين (٢) في المسألة ، وهو : نزح أربعين ونزح ثلاثين ، وقد صرّح شيخنا المرتضى ـ رحمهالله ـ بأنّه لم يعلم المستند لهما (٣).
ثم لو قلنا بنزح الجميع كما هو الأظهر ، (فإن تعذّر نزحها ، لم تطهر) بمقتضى الاستصحاب (إلّا بالتراوح) فتطهر به بلا خلاف فيه ظاهرا.
ولعلّه لفهم التعدّي من حديث الترواح (٤) ، وفيه مناقشة لو لا
__________________
(١) المعتبر ١ : ٧٨.
(٢) حكاهما الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٣٧.
(٣) كتاب الطهارة : ٣٧.
(٤) التهذيب ١ : ٢٨٤ ـ ٨٣٢ ، الوسائل ، الباب ٢٣ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١.