وفي خبر زرارة : «فإن غلب الريح نزحت حتى يطيب» (١).
والمناقشة في هذه الأخبار : بعدم كونها مسوقة إلّا لبيان عدم كفاية المقدّرات المنصوصة ـ كخمس دلاء أو سبع دلاء ـ عند التغيّر ، لا لبيان كفاية زوال التغيّر في الطهارة حتى يتمسّك بإطلاقها ، مدفوعة : بشهادة العرف على أنّه كما يفهم من هذه الروايات أنّ نزح خمس دلاء أو سبع دلاء أو غيره موجب لطهارة البئر ما لم تتغيّر كذلك يفهم منها أنّ إزالة التغيّر بالنزح أيضا موجب لطهارتها ، فدعوى الإهمال فيها غير مسموعة.
نعم لا يحسن الاستدلال لهذا القول بصحيحة ابن بزيع ، المتقدّمة (٢) في أدلّة القول بالطهارة ، فإنّها وإن كانت واضحة الدلالة على المدّعى إلّا أنّ القول بالانفعال مبنيّ على طرح هذه الصحيحة أو تأويلها بحمل الإفساد على معنى آخر غير النجاسة ، ككونها ممّا لا ينتفع بمائها أصلا إلّا بعد استهلاكه بماء طاهر ، كأعيان النجاسات ، وغير ذلك من التوجيهات ، ومن المعلوم أنّه بناء على عدم إرادة النجاسة من الإفساد لا تدلّ الرواية إلّا على ترتّب زوال الفساد بالمعنى الذي أريد منها على زوال التغيّر لا الطهارة.
وهل يكفي على هذا القول إزالة التغيّر مطلقا أو بشرط أن لا يزول قبل استيفاء المقدّر ، فالمدار على أكثر الأمرين من نزح المقدّر ومزيل
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٤١ ـ ٦٩٧ ، الإستبصار ١ : ٣٥ ـ ٩٦ ، الوسائل ، الباب ١٥ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٣.
(٢) تقدّمت في ص ١٥٧.