معنى له ، فإرادة الحرمة بالنسبة إليهما لخصوصيّة المورد ، لا لإرادتها من اللفظ بعنوان الخصوصيّة ، فليتأمّل.
وقد يقال : إنّ المراد من نفي الجواز في المقام خصوص الحرمة وإرادتها في غير الطهارة ممّا لا خفاء فيها ، وأمّا فيها : فلأنّ الاستعمال في الطهارة لا يتحقّق إلّا بقصد التطهير ، لأنّ الأفعال الاختيارية إنّما تعرضها العناوين المقصودة للفاعل ، وهو من هذه الجهة محرّم ، لكونه تشريعا ، ومن غير هذه الجهة غير محرّم ، ولكنّه لا يسمّى استعمالا في التطهير.
وكيف كان فظاهر المصنّف وغيره ممّن تأخّر عنه ـ كصريح بعض ـ : اختصاص الحرام بالمذكورات دون غيرها من الاستعمالات ، كسقي الدوابّ والأشجار وبلّ الطين والجصّ ونحوها.
وعن ظاهر جماعة من القدماء ـ كالمفيد والسيّدين والشيخ والحلّي (١) ـ عدم جواز الانتفاع بالمتنجّس مطلقا ، بل ربما يستظهر ذلك من المشهور بينهم ، ولا يظنّ بهم إرادة الإطلاق.
وقد تخيّل بعض (٢) من ملاحظة ظواهر كلمات القدماء وظواهر بعض الأخبار أنّ الأصل في المتنجّس حرمة الانتفاع به إلّا ما خرج بالدليل ، وسيتّضح لك إن شاء الله أنّ الأقوى خلافه ، كما صرّح به المصنّف ـ رحمهالله ـ وغيره.
__________________
(١) حكاه عن ظاهرهم الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٤١ ، وانظر : المقنعة : ٦٨ ، والغنية (ضمن الجوامع الفقهية) : ٥٥٦ ، والمبسوط ١ : ١٣ ، والسرائر ١ : ٨٨ ، وأمّا قول السيّد المرتضى فلم نعثر عليه في مظانّه.
(٢) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٤١.