ذكرناه قاعدة عقليّة لا تقبل التخصيص.
وما يقال من أنّ لها شائبة من الوجود إنّما يعنون به إمكان إثبات بعض الآثار الانتزاعيّة لها بنحو من المسامحة والاعتبار ، لا أنّ لها حقيقة أثر الوجود ، فإذا ظهر أنّ معنى شرطيّة عدم شيء لثبوت حكم ينحلّ إلى مانعيّة وجود ذلك الشيء عن فعليّة هذا الحكم ، بان لك أنّ ثبوت حكم مشروطا بعدم شيء مثلا ، كثبوت الانفعال للماء المطلق بشرط عدم بلوغه حدّ الكرّ ينحلّ في ظرف التحليل إلى إثبات حكمين لموضوعين :
أحدهما : ثبوت الانفعال لطبيعة الماء من حيث هي من دون تقييدها بشيء له مدخليّة في الحكم ، والثاني : ثبوت نقيض هذا الحكم لهذا الموضوع على تقدير وجود المانع ، فوجود المانع مؤثّر في ثبوت النقيض لا عدمه في حصول الأصل ، ولمّا كان المانع آكد في الاقتضاء لزمه رفع الحكم الذي تقتضيه الطبيعة بالطبع عن الإفراد المقارنة مع المانع في الوجود ، لا لقصور في الموضوع ، بل لقصور الحكم عن شمول هذه الأفراد لأمر عارضي ، وهو وجود المزاحم عن فعليّة الحكم.
وقد تقرّر بما ذكرنا أنّ الموضوع في حكم الأصل بالنظر إلى هذا الشرط لا يكون إلّا الطبيعة من حيث هي ، ولازمه العموم عموما سريانيّا بالنسبة إلى جميع الأفراد ، فليس في القضيّة ولو كانت شخصيّة من هذه الجهة شائبة إهمال ، بل لو كان فيها احتمال الإهمال ، لوجب أن يكون منشؤه احتمال اعتبار أمر وجودي لا غير ، وأمّا بالنسبة إلى الأمر العدمي فلا يصلح للتقييد حتى يطرأ بسبب احتماله الإهمال في القضيّة.