وحينئذ فإن أريد منه في مورد الاجتماع أيضا هذا المعنى ، يتوجّه الإشكال ، وإن أريد معنى آخر ، لزم استعمال اللفظ في معنيين ، وهو غير جائز.
نعم يمكن في هذا الفرض أيضا التخلّص عن الإشكال بإخراج النهي عن حقيقته ، وحمله على الإرشاد المحض ، فيكون بمنزلة الإخبار عن خاصيّة الفعل ، فلا ينافي كونه واجبا أو مستحبّا.
وبهذا الوجه يتوجّه العبارة المتقدّمة (١) عن الشهيد ، ولكنّه يتوجّه عليه : أنّ حمل النهي على هذا المعنى خصوصا بالنظر إلى مورد الافتراق ينافي حكم الأصحاب بالكراهة.
مضافا إلى أنّ تجريد النهي حتى الإرشاديّ منه عن مطلق طلب الترك حتى لا ينافي الأمر الإلزامي بفعله في غاية البعد عن ظواهر النواهي الشرعيّة.
وكيف كان فهذا الجواب ممّا لا يشفي العليل ولا يروي الغليل ، وإنّما يتشبّث بمثله بعد انحصار المناص فيه.
والذي يقتضيه التحقيق هو : أنّ النهي المتعلّق بالعبادة إمّا أن يكون متعلّقا بها من حيث هي باعتبار خصوصيّة مكتنفة بها ، كالصلاة في الحمّام لو فرض أنّه لا كراهة في الكون في الحمّام من حيث هو ولا من سائر الحيثيّات ، ككونه في معرض الرشاش ونحوه ، وإنّما المكروه إيقاع الصلاة
__________________
(١) تقدّمت في ص ٢٩٢.