المسالك (١) ـ أوفق بظاهر الرواية.
ثمّ لا يخفى عليك أنّ مقتضى شمول الروايتين لمطلق الاستعمال :حمل الكراهة المستفادة منهما على معناها المصطلح ، وهو ما كان تركه مطلوبا للشارع بطلب مولوي غير إلزامي ، فيشكل اتّحاده مع العبادة في الوجود الخارجي.
وأشكل من ذلك ما عن الشهيد الثاني في الروض من حكمه ببقاء الكراهة مع انحصار الماء.
قال ـ فيما حكي عنه ـ : لا منافاة بين الوجوب والكراهة كما في الصلاة وغيرها من العبادات على بعض الوجوه ، فلو لم يجد الماء لم تزل الكراهة وإن وجب استعماله عينا ، لبقاء العلّة مع احتمال الزوال (٢).
توضيح الإشكال : أنّ النهي لو كان مورده منحصرا في التطهير ، لأمكن التفصّي عن محذور اجتماع الأمر والنهي بإخراج النهي عن حقيقة الطلب ، وحمله على الإرشاد إلى كون الفرد المنهيّ عنه أقلّ ثوابا من سائر الأفراد ، فإطلاق الكراهة عليه إنّما هو بهذا المعنى إلّا أنّ هذا النحو من التفصّي ـ بعد الإغماض عمّا يتوجّه عليه من الخدشات المذكورة في محلّها ـ إنّما يتمشّى فيما لم يكن بين العنوان المأمور به والمنهيّ عنه عموم من وجه ، كما فيما نحن فيه ، وأمّا فيه فلا ، إذ لا شبهة في أنّه يستفاد من ظاهر النهي بالنسبة إلى مورد الافتراق الكراهة المصطلحة ،
__________________
(١) مسالك الأفهام ١ : ٢٢.
(٢) حكاه عنه الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٤٨ ، وانظر : روض الجنان : ١٦١.