حكم فعلي لهذا الشيء مخالف لما اقتضته الجهة الملزمة ، فلم يبق لسائر الجهات بعد الإلزام بالفعل أو بالترك حكم إلّا شأنا ، لأنّ ضرورة العقل قاضية بقبح طلب الفعل حتما مطلقا ، والترخيص في تركه ، وتعدّد الجهات لا ينفع في رفع القبح ، كما هو ظاهر.
وهذا بخلاف ما لو لم يكن شيء منها موجبا للإلزام على سبيل التعيين بأن كان النهي تنزيهيّا والأمر استحبابيّا ، أو إلزاميّا متعلّقا بطبيعة أمكن إيجادها في غير مورد الاجتماع ، فلا مانع من أن يستتبع كلّ من الجهات ما يقتضيه تلك الجهة بعنوانها الإجمالي الكلّي ، لأنّه متى جاز للمكلّف ارتكاب فعل ولو على سبيل المرجوحيّة ، كاستعمال الماء المسخّن جاز له اختياره قاصدا به امتثال الأمر المتعلّق بطبيعة الوضوء الحاصلة بفعله.
ولا ينافي ذلك كراهة فعله من حيث إنّه استعمال للماء المسخّن ، لأنّ مرجعه إلى كراهة اختيار هذا الفرد في مقام امتثال الأمر بالطبيعة ، لا كراهة الطبيعة الحاصلة بهذا الفعل ، ولكن يشترط في صحّة هذا الفعل ووقوعه عبادة كون مصلحته الحاصلة بفعل الوضوء قاهرة على مفسدته الحاصلة باستعمال هذا الماء بحيث لو انحصر الماء فيه لتعيّن استعماله إمّا على سبيل الوجوب إن كان الأمر إلزاميّا ، أو الندب إن كان استحبابيّا ، وكونه كذلك لا يمنع من أن يتعلّق به نهي مولويّ في صورة عدم الانحصار ، كي يخصّص به دليل الكراهة ، إذ لا استحالة في أن ينهى المولى عبده عن أن يختار فردا ذا مفسدة في مقام امتثال الأمر المتعلّق