الروايات الواردة في كيفيّة غسل الجنابة بذلك ، فيقوّى بها احتمال ورودها مورد الغالب.
هذا ، مع أنّ المتتبّع في الأخبار التي وقع فيها السؤال عن حكم الماء الذي يغتسل فيه الجنب والأجوبة الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام لا يكاد يرتاب في أنّ جميعها ناظرة إلى نجاسة الماء وطهارته ، وأنّ الرخصة في التوضّؤ منه أو شربه مثلا لم تكن إلّا لبيان طهارته ، والنهي عن التوضّؤ أو الشرب لم يكن إلّا لبيان نجاسته ، وأمّا احتمال عدم جواز استعماله في التطهير تعبّدا لم يكن يخطر في أذهانهم أبدا.
ألا ترى أنّه حين سئل في غير واحد من الأخبار عن مجمع ماء ترد فيه السباع وتلغ فيه الكلاب ويغتسل منه الجنب أجابه بقوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» (١).
وفي غير واحد من الأخبار سأل الرواة عن الثوب الذي يصيبه الماء المستعمل في غسل الجنابة ، فأجابوهم بنفي البأس (٢).
وفي صحيحة ابن مسلم ، الآتية في أدلّة المختار بعد أن سأله عن الحمّام يغتسل فيه الجنب اغتسل من مائه؟ قال : «نعم لا بأس أن يغتسل منه الجنب ولقد اغتسلت فيه وجئت فغسلت رجلي وما غسلت رجلي إلّا ممّا لزق بهما من التراب» (٣) إلى غير ذلك من الأخبار التي يستفاد منها أنّه
__________________
(١) أنظر : الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ١ و ٥.
(٢) الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، الأحاديث ٩ و ١١ و ١٢.
(٣) التهذيب ١ : ٣٧٨ ـ ١١٧٢ ، الوسائل ، الباب ٧ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢ ، والباب ٩ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، الحديث ٣.