شربت من ماء قليل ، لم ينجس ، غابت الهرّة أم لم تغب.
وممّا يحقّق الشهرة ، بل يظهر منه الاتّفاق : أنّ الأصحاب بين مفت بكراهة سؤر الجلّال وآكل الجيف ، ومانع منه ، ولم يستند المانع في منعه إلّا إلى وجود أجزاء النجاسة في لعابه أو بإلحاق سؤره بعرقه ببعض الاعتبارات.
وكيف كان فاتّفق المانعون والمجوّزون على أنّ ملاقاة فمه للنجاسة مع العلم العادي غالبا بعدم ملاقاة المطهّر الشرعي بعد أكل العذرة والجيفة لا تؤثّر في الحكم بالتنجيس ، وكيف لا ولا يظنّ بأحد أن يلتزم بنجاسة ما يقع فيه الفأرة وتخرج حيّة مع أنّ العادة قاضية بأنّه لا يمرّ عليها ساعة إلّا ويلاقي بدنها شيئا من النجاسات ، فهل تستنجي بعد البول أو تسبح في الشطوط والأنهار حتى يتحقّق احتمال المطهّر الشرعي بالنسبة إليها؟ وقد نفي البأس في غير واحد من الأخبار عن سؤرها وعمّا تقع فيه وتخرج حيّة.
ففي رواية هارون بن حمزة الغنوي عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن الفأرة والعقرب وأشباه ذلك يقع في الماء فيخرج حيّا هل يشرب من ذلك الماء ويتوضّأ به؟ قال : «يسكب منه ثلاث مرّات وقليله وكثيره بمنزلة واحدة ثم يشرب منه ويتوضّأ غير الوزغ فإنّه لا ينتفع بما يقع فيه» (١).
__________________
(١) التهذيب ١ : ٢٣٨ ـ ٦٩٠ ، الاستبصار ١ : ٢٤ ـ ٥٩ ، و ٤١ ـ ١١٣ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الأسئار ، الحديث ٤.