وظاهر هاتين الروايتين بل صريحهما على ما تقتضيه القرائن الداخلية والخارجية : دوران المنع مدار وجود عين القذر في منقارها ، فلو لم يكن في منقارها قذر فلا بأس بسؤرها مطلقا ، سواء علم ملاقاته للقذر في السابق أم لم يعلم ، وسواء علم زواله بمطهّر شرعي أم لم يعلم ، بل وإن علم عدمه ، كما هو ظاهر المشهور ، بل الظاهر عدم الخلاف فيه.
نعم عن النهاية اعتبار احتمال حصول الطهارة بوروده على كثير مطلق أو ورود المطر أو القليل عليه (١).
ولكنّه في غاية الضعف ، إذ لو لا طهارة بدن الحيوان بزوال عين النجس عنه لما أفاد احتمال التطهير الحكم بطهارته ، لمخالفته للقاعدة المغروسة في أذهان أهل العرف التي أمضاها الشارع في ضمن أخبار كادت تكون متواترة من أنّ اليقين لا ينقضه الاحتمال.
ورفع اليد عن هذه القاعدة ، للإجماع والسيرة وغيرهما من الأدلّة الخاصّة ليس بأولى من الالتزام باختصاص قاعدة كلّ نجس منجّس بغير هذا الفرد ، أو الالتزام بأنّ زوال العين مطهّر شرعي تعبّدا ، بل الالتزام بأحد هذين الأمرين أولى ، بل هو المتعيّن بالنظر إلى ما تقتضيه أخبار الباب.
مضافا إلى اعتضاده بالشهرة ، بل الإجماع ، فإنّهم صرّحوا ـ كما عن المبسوط والسرائر والتذكرة وغيره (٢) ـ بأنّه لو أكلت الهرّة فأرة ثم
__________________
(١) كما في كتاب الطهارة ـ للشيخ الأنصاري ـ : ٦٠ ، وانظر : نهاية الإحكام ١ : ٢٣٩.
(٢) حكاه عنها الشيخ الأنصاري في كتاب الطهارة : ٦٠ ، وانظر : المبسوط ١ : ١٠ والسرائر ١ : ٨٥ ، وتذكرة الفقهاء ١ : ٤٢ ، والمعتبر ١ : ٩٩.