وذات الماء وذات النجاسة ، بخلاف ما هناك ، لكون النجاسة عارية عن الأوصاف.
وفيه : أنّ خلوّ النجاسة عن الأوصاف لا يخرجها عن تنجيس ما يلاقيه والمنجّس ليس [هو] أوصافها ، وإنّما المنجّس عينها (١). انتهى.
وفيه ما عرفت من أنّ مقتضى ظواهر الأخبار أنّ للتغيّر الفعلي مدخلية في ثبوت الحكم الشرعي التعبّدي وليس في العقل ما يحيله ، فلا مقتضي لرفع اليد عن ظواهر الأخبار وارتكاب التأويل فيها.
وأمّا ما ذكروه من أنّ التغيّر في الفرض الأخير موجود حقيقة ، غاية الأمر أنّه مستور عن الحسّ ، ففيه : أنّه بعد فرض تساويهما في اللون يستحيل انفعال أحدهما بالآخر ، كما لو وقعت قطرة دم في إناء مملوء من الدم ، فإنّه لا يعقل أن يكتسب أحد المتلاقيين من الآخر لونه ، لأنّ التأثّر من الآخر فرع قابلية المحل وعدم اشتغاله بمثل أثر الآخر ، وإلّا فيلزم اجتماع المثلين في موضوع واحد.
نعم لو كان أحدهما أشدّ لونا من الآخر ، يحصل للمجموع بعد الامتزاج لون وسط ، فيتحقّق التغيّر في هذا الفرض بشهادة العقل ، فإن كان التفاوت بين لون الماء قبل الامتزاج وبعده بيّنا بحيث يدركه العرف ، فلا شبهة في انفعاله ، وإلّا فلا ، إذ ليس المدار على التغيّر الحقيقي المستور عن الحسّ ، وإلّا يجب أن يحكم بنجاسة حوض كبير وقع فيه قطرة دم مستهلكة ، لكونها مؤثّرة في تغيّر لون الماء وطعمه بحكم العقل ، غاية
__________________
(١) الحدائق الناضرة ١ : ١٨٤ ـ ١٨٥ ، وما بين المعقوفين من المصدر.