شيء يعينه بماء جديد ، ولا يتقوّم أمر الحمّام إلّا بأن يكون الماء الحارّ الموجود في الخزانة بمقدار لو زيد عليه كرّ أو كرّان لا ستهلك ، فالعادة قاضية باستحالة وجود حمّام لا يكون الماء الموجود في خزانته في أزمنة تعارف استعماله مقدار الكرّ.
وبما ذكرنا ظهر لك أنّه لو لا الإجماع على عدم اعتبار ما زاد عن الكرّ في عاصمية المادّة ، لأشكل استفادة كفايتها من هذه الأخبار.
نعم ، لو فرض اتّصال ما في الحياض الصغار بما في المادّة على وجه يعدّ في العرف مجموع الماءين ماء واحدا ـ كما لو كان الحوض والمادّة بمنزلة غديرين موصولين بساقية ـ لتعيّن القول بكفاية بلوغ المجموع كرّا في دفع النجاسة ، لا لهذه الأخبار بل لعموم قوله عليهالسلام : «إذا كان الماء قدر كرّ لا ينجّسه شيء» (١) إلّا أنّ وضع الحمّامات المتعارفة ليس كذلك ، ضرورة أنّ حكمة إفراز الحوض الصغير إنّما هي صيانة ما في مادّته عن أثر الاستعمال ، وهذا ينافي اتّحادهما.
فما اعترضه صاحب الحدائق وغيره على من اشترط كرّية المادّة في الحمّام : بأنّ مقتضاه أنّ الحكم في الحمّام أغلظ ، حيث إنّهم لم يعتبروا ذلك في الغديرين المتواصلين (٢) ، مدفوع : بأنّ اشتراطهم الكرّية إنّما هو في الحمّامات المتعارفة التي لا يجري الماء في حياضها إلّا من جهة الفوق
__________________
(١) التهذيب ١ : ٤٠٩ ـ ١٠٩ ، الإستبصار ١ : ٦ ـ ٢ ، الوسائل ، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٢.
(٢) الحدائق الناضرة ١ : ٢٠٨ ، ومدارك الأحكام ١ : ٣٥.