ولا يظن القارئ الكريم انّ الكاتب بصدد الدفاع عن عقيدتهم وأُصولهم ، وما اقترفوه من الأعمال الشنيعة كسائر الخلفاء والملوك ، وإنّما الهدف إيقاف القارئ على بَخس حملة الأقلام لحق هؤلاء ، ولو كان لآل البيت حرية ولم يكن لهم اضطهاد لما التجأوا إلى ترك أوطانهم والهجرة إلى أقاصي البلاد هرباً ممّا يحيط بهم من الأخطار.
ونعم ما قال العزيز بالله أحد الخلفاء الفاطميين :
نحن بنو المصطفى ذوو مَحن |
|
أوّلنا مبتلىٰ وخاتمنا |
عجيبة في الأيام محنَتنا |
|
يجرعها في الحياة كاظمنا |
يفرح هذا الورى بعيدهم |
|
طرّاً وأعيادنا مآتمنا (١) |
إنّ الباطل إذا خلص من شائبة الحق ، لا يمكن أن يدوم ٢٧٢ سنة حاكماً ، ٢٠٨ أعوام منها على مصر ، وعلى مساحات شاسعة من المغرب والشام والعراق ، فلم تكن الدعوة إلحادية ، ولا مجوسية ، ولا يهودية ، بل دعوة إسلامية على نهج آل البيت ، لكنّهم ضلّوا في الطريق ، فأخذوا ببعض وتركوا بعضاً.
أضف إلى ذلك انّ الناس بايعوا الحاكم بالله الإمام الحادي عشر وهو ابن خمس وستين سنة ممّا يدلّل على أنّ قلوب الأُمّة كانت تهوي إليهم لمّا شاهدوا بأمّ أعينهم من إشاعة للعدل وعمران للبلاد ، وبسط للثقافة وأمن للطرق.
وأمّا ما نسب المقريزي إلى الشريف الرضي من أنّه وافق القوم في نفي انتسابهم إلى البيت العلوي فيصفه ابن أبي الحديد ويقول :
« ذكر أبو الحسن الصابي وابنه غرس النعمة محمد في تاريخهما : أنّ القادر بالله عقد مجلساً أحضر فيه الطاهر أبا أحمد الموسوي ، وابنه أبا القاسم المرتضىٰ وجماعة من القضاة والشهود والفقهاء ، وأبرز إليهم أبيات الرضي أبي الحسن التي
______________________
١. الذهبي : سير الأعلام : ١٥ / ١٦٧ ـ ١٦٨. وسيوافيك أيضاً في ترجمته ، فانتظر.