نشوئه بصورة عقيدة بسيطة ، وهو أنّ الإمام بعد جعفر بن محمد ابنه إسماعيل ، وانّه لم يمت بل غاب ويظهر حتى يملك الأرض وهو القائم ، وهذه هي الإسماعيلية المحضة ، ولم يخالط هذه العقيدة شيء آخر.
نعم لما كان قبولها محفوفاً بغموض ، فرجع بعضهم عن حياة إسماعيل ، وقالوا بإمامة ابنه محمد بن إسماعيل لظنّهم انّ الإمامة كانت في أبيه ، وانّ الابن أحقّ بمقام الإمامة من الأخ.
والظاهر من الشيخ المفيد أنّ الفرقة الأُولى انقرضت ولم يبق منهم من يومأ إليه والفرقة الباقية إلى اليوم هي الإسماعيلية غير الخالصة. (١) ثمّ صار المذهب الواحد مذاهب متشتتة ومختلفة. وقد كان للدعاة تأثير في نضوج العقيدة الإسماعيلية وتكاملها مع اختلاف بينهم في بعض الأُصول فمثلاً الداعي النسفي ( ... ـ٣٣١ هـ ) وضع كتابه « المحصول » في فلسفة المذهب.
ثمّ جاء بعده أبو حاتم الرازي ( ٢٦٠ ـ ٣٢٢ هـ ) فوضع كتابه « الإصلاح » وخالف فيه أقوال من سبقه.
ثمّ جاء بعده أبو يعقوب السجستاني الذي كان حيّاً سنة ( ٣٦٠ هـ ) وكان أُستاذاً للكرماني فانتصر للنسفي وخالف أبا حاتم.
ثمّ جاء الكرماني ( ٣٥٢ ـ ٤١١ هـ ) فألّف كتاب « راحة العقل » ، واستطاع أن يوفق بين آراء شيخه « السجستاني » وبين آراء « أبي حاتم الرازي ».
أضف إلى ذلك أنّ تأويل الظواهر لا يعتمد على ضابطة فكل يؤوّلها على ذوقه وسليقته ، فتجد بينهم خلافاً شديداً في المسائل التأويلية.
الحادية عشرة : الذي ظهر لي من التتبّع في كتب الإسماعيلية انّ الفرقة المستعلية القاطنين في اليمن والهند أقرب إلى الحقّ وعقائد جمهور المسلمين من
______________________
١ . المفيد : الإرشاد : ٢٨٥.