الإسلام عقيدة وشريعة ، والإسماعيليّة كغيرها من المذاهب الإسلاميّة لها أُصول ، وفروع ، أمّا الفروع فلا يختلفون مع المسلمين في أُمهاتها ، وكفى في الوقوف عليها ما كتبه القاضي أبو حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي باسم « دعائم الإسلام » . نعم ، انفردوا في الاعتقاد بأنّ لكلِّ حكم فرعي ظاهراً وباطناً ، ولهم مؤلفات خاصّة في تأويل الظواهر الفرعيّة ، وقد ألّف القاضي المذكور كتاباً باسم « تأويل الدعائم » وسيمر عليك بعض تأويلاتهم في هذا المجال.
إنّما الكلام في عقائدهم وأُصولهم التي بنوا مذهبهم عليها ، والعثور عليها أمر مشكل جدّاً وذلك لوجوه :
الأوّل : الظنّة بكتبهم والتستر عليها وإخفائها وعدم جعلها تحت متناول أيدي الآخرين ، وأن فرض عليهم الوضع الراهن كسرطوق التكتم ، وإزاحة الستار عن بعض الكتب ، والفضل يعود إلى غيرهم ، فلو كان الأمر بيد دعاتهم وعلمائهم لما سمحوا بذلك ، ولَما وصلت بأيدينا تلك الكتب.
الثاني : اتخاذ الفلسفة اليونانية عماداً وسنداً للمذهب ، فأدخلوا فيه أشياء كثيرةً ممّا لا صلة لها بباب العقائد والأُصول ، ولا يضر الاعتقاد بها أو بعدمها ، ولا يضرّه جهلها فالقول بالعقول العشرة ، والأفلاك التسعة ونفوسها ، وأنّ الصادر الأوّل هو العقل إلى أن ينتهي الصدور إلى العقل العاشر ، فروض فلسفيّة طُرحت لحل مشكلة ( امتناع صدور الكثير عن الواحد ) ، وهذه المباحث على فرض صحتها تختص بذوي المواهب الكبيرة في مجال الفكر ، فإدخالها في المذهب والدعوة إليها ، إلزام بلا ملزم.