ثمّ صدر من العقل الثالث لهاتين الجهتين ، العقل الرابع ، والفلك الثالث مع نفسه ، الذي هو فلك زحل.
وبهذا الترتيب ، صدر العقل الخامس والفلك الرابع ، الذي هو فلك المشتري ، إلى أن وصل عدد العقول إلى عشرة ، وعدد الأفلاك مع نفوسها تسعة.
وتبنّى المذهب الإسماعيلي ، الذي هو مذهب ذو صبغة فلسفيّة يونانيّة هذه النظرية مع اختلاف يسير في التعبير لا غير ، والفكرة الرئيسيّة عندهم واحدة.
فمثلاً يعبّر الداعي الكرماني عن العقل الأوّل بالمبدع ، كما يعبّر عن العقل الثاني بالمنبعث الأوّل ، وكلا المسلكين يشتركان في أنّه يبتدئ الصدور بالعقل الأوّل ، الذي تسمّيه فلسفةُ المشاء بالعقل الأوّل ، والمذهب الإسماعيليّ بالمبدع الأوّل ، وتنتهي بالعقل الفعّال ، ويتوسط بين العقل الأوّل والعقل الفعّال سلسلة العقول ، والأفلاك الأُخرى.
يقول الداعي الكرماني :
والعقل الأوّل مركز لعالم العقول إلى العقل الفعّال ، والعقل الفعّال عاقل للكل ، وهو مركز لعالم الجسم ، من الأجسام العالية الثابتة ( الأفلاك ) إلى الأجسام المستحيلة المسمّاة عالم الكون والفساد ( العناصر الأربعة ). (١)
يقول الحكيم السبزواري في بيان تلك النظرية :
فالعقل الأوّل لدى المشاء |
|
وجوبه مبدأ ثان جاء |
وعقله لذاته للفلك |
|
دان لدان سامك لسامك |
وهكذا حتى لعاشرٍ وصل |
|
والفيض منه في العناصر حصل |
بالفقر معط لهيولى العنصر |
|
وبالوجوب لنفوس صور |
فللهيولى كثرة استعداد |
|
بحركات السبعة الشداد (٢) |
______________________
١. راحة العقل : ١٢٧ ـ ١٢٩. |
٢. السبزواري : شرح المنظومة : ١٨٥. |