أمّا الذي يطلقون عليه اسم سلطان البهرة فالظاهر أنّه من قبيل النائب عن الإمام الغائب ، ويبلغ عدد البهرة في الهند واليمن وغيرها نحو أربعمائة ألف ، وهم أهل جدّ وكسب ، ولا يوجد بينهم فقير ، والفقير منهم يُوجِدون له عملاً من تجارة أو غيرها يكتفي به ، ولهم ملاجىٔ وتكايا عامة في البلاد التي يقصدونها للحج والزيارة ، في مكّة ، والمدينة ، والنجف ، وكربلاء ، وغيرها. وهي مبانٍ تامة المرافق يَنزلونها ولا يحتاجون إلى النزول في فندق أو خلافه ، وهم متمسكون بشرائع الدين. وكان خلفاء مصر الفاطميون على مذهب الإسماعيلية ، القائلين بانتقال الإمامة من الصادق عليهالسلام إلى ولده إسماعيل ، ثمّ في أولاده ، وكانوا يقيمون شعائر الإسلام ، ويحافظون على أحكامه ، وما كان يذمهم أو بعضهم بعض المؤرّخين إلّا للعداوة المذهبية ، ولا يمكن التصديق بما ينسبه بعض المؤرّخين إلى بعضهم ، بعد تأصّل العداوة المذهبية في النفوس ، كما أنّ جماعة من أهل هذا العصر يخلطون بين الفريقين جهلاً أو تجاهلاً. (١)
* * *
هذه الأقوال والآراء فيهم ، توقفنا على أنّ القومَ لم يكن لهم موقف واحد تجاه سوق الإمامة بعد وفاة الإمام الصادق عليهالسلام.
فمنهم من أنكر الواضحات ، وقال : بأنّ إسماعيل لم يمت ، وإنّه القائم ، وهذه هي الإسماعيلية الخالصة. (٢)
وأمّا اشهاد الإمام على موته فلم يكن إلّا إظهاراً لموته تقيةً من خلفاء بني العباس ، وأنّه عقد محضراً ، وأشهدَ عليه عامل المنصور بالمدينة. (٣)
وهذه الطائفة لا تسوق الإمامة بعد إسماعيل إلى غيره ، وإنّما تنتظر خروج
______________________
١. السيد الأمين : أعيان الشيعة : ٣ / ٣١٦.
٢. النوبختي : فرق الشيعة : ٦٠.
٣. الشهرستاني : الملل والنحل : ١ / ١٦٧.