الآراء الفلسفيّة المعروفة ، التي خرج فيها علىٰ كثير من نظريات أرسطو الطبيعية والميتا فيزيائية ، منكراً التوفيق بين الفلسفة والدين ، معتقداً بأنّ الفلسفة هي الطريق الوحيد لإصلاح الفرد والمجتمع.
وقد دارت بينهما ( أي بين الرازيين ) مناقشات عنيفة ومتعددة ، حضرها بعض العلماء والرؤساء السياسيين ، وقد دوّن أبو حاتم هذه المناقشات في كتابه « أعلام النبوة ». (١)
وإليك كلاماً حول كتابه « أعلام النبوة » ، فالكتاب يصوّر لنا معركة فكريّة عقائديّة بين رازيين ، هما : أبو حاتم الداعي المتكلم الإسماعيلي ، ومحمد بن زكريا الطبيب المتفلسف حيث تعددت اللقاءات بينهما ، ودار النقاش حول مواضيع شتى في جوانب الثقافة الإسلاميّة ، من عقائد فلسفيّة وكلام وطب وصيدلة وهيئة ، وما إلى ذلك.
إنّ اختلاف الرأي بين الرجلين في هذه الجوانب لم يكن إلّا مظاهر متعددة لاختلاف أساسي واحد بينهما في الرأي حول العقل الإنساني ، وتكليفه وحدود إمكانه من جانب ، والنبوّة والضرورة إليها من جانب آخر. (٢)
والكتاب جدير بالمطالعة وقد بدأ المؤلف كتابه بقوله :
ناظرني « الملحد » في أمر النبوّة وأورد كلاماً نحو ما رسمه في كتابه الذي قد ذكرناه فقال :
« من أين أوجبتم أنّ الله اختصَّ قوماً بالنبوّة دون قوم ، وفضلهم على الناس ، وجعلهم أدلّة لهم ، وأحوج الناس إليهم ؟ ومن أين أجزتم في حكمة الحكيم أن يختار لهم ذلك ويشلي بعضهم على بعض ، ويؤكد بينهم العداوات
______________________
١. كتاب الرياض : ٨ ـ ٩ المقدمة بقلم عارف تامر.
٢. أبو حاتم الرازي : أعلام النبوة : ٤ ، المقدمة بقلم صلاح الصاوي.