التنظيمات السرّية الإسماعيلية
إنّ طابَع الأقلّية يستدعي امتلاك تنظيمات سرية يسودها التكاتف والتعاون لتصمد أمام العواصف التي تهددهم من جانب الأكثرية ، ولولا ذلك لتفكّكت وانفصمت عرى حياتهم ولانصهر كيانهم المستقل.
ظهرت الإسماعيلية على مسرح الحياة في زمان ساده روح العداء لأهل البيت عليهمالسلام وأتباعهم ، وكانت الشيعة قذى في عيون الخلافة العباسية ، لما يسودها من روح العصيان على السلطة والخروج عليها.
هذا وما شابهه صار سبباً لدخول أئمتهم في كهف الاستتار والتقية وإحداث تنظيمات سرية في مختلف الأدوار لتكون حصناً حصيناً لهم ولأتباعهم ، وقد ذكر التاريخ شيئاً كثيراً من تنظيماتهم ومخططاتهم المبتكرة والتي قلّما يشهد التاريخ لها من مثيل.
وهذا الكاتب الإسماعيلي مصطفى غالب يشرح لنا الصورة الدقيقة عن التنظيمات السرية في أدوار الستر وفي عهد الدولة الإسماعيلية في مصر والمغرب حيث يقول :
إذا أردنا أن نقارن
تلك التنظيمات مع أحدث التنظيمات والتخطيطات الدعاوية العصرية المعروفة اليوم ، لتبين لنا انّ الإسماعيليين كان لهم القدح
المعلّى في هذا المضمار ، من حيث ابتكار الأساليب المبنية على أُسس مكينة مستوحاة من عقائدهم الصميمة ، وتظهر عبقريتهم بوضوح من جهة البراعة في تنظيم أجهزتهم الدعاوية ـ في قلّة الوسائل في تلك الأيام ـ ممّا جعلهم يستطيعون الإشراف بسرعة فائقة على تنسم أخبار أتباعهم في الأبعاد المتناهية ، وذلك بما ابتكروا من أساليب