وأحدثوا من وسائل ، وقد كان للحمام الزاجل الذي برع في استخدامه الدعاة ، أثره الفعّال في نقل الأخبار والمراسلات السرية الهامة.
ولقد كان الإمام الإسماعيلي الذي يعتبر رئيس الدعوة قد وفق بين جهاز الدعاية الذي نظّمه خير تنظيم ، وبين نظام الفلك ودورته ، وجعل العالم الذي كان معروفاً في تلك الأيام مثل السنة الزمنية ، فالسنة كما هو معروف مقسمة إلى اثني عشر شهراً ، ولذلك يجب أن يقسم العالم إلى اثني عشر قسماً ، أطلق على كل قسم اسم ( جزيرة ) وجعل على كل جزيرة من هذه الجزر داعياً ، هو المسؤول الأوّل عن الدعاية فيها ، ولقب بـ ( داعي دعاة الجزيرة ) أو بـ ( حجة الجزيرة ). وقال : إنّ الدعوة لا يمكن استقامتها إلّا باثني عشر داعياً يتولون إدارتها ، فكان الإمام ينتخب الدعاة من ذوي المواهب الخارقة ، والقدرة الفائقة في بث الدعوة والعمل على نشرها بين مختلف الطبقات وقد جعل الدعاة من ( حدود الدين ) إمعاناً في إسباغ الفضائل عليهم ، ليتمكنوا من نشر الدعوة وتوجيه الأتباع دونما أيّة معارضة أو مخالفة ، لأنّ مخالفتهم ومعارضتهم تعتبر بنظر الإمام مروقاً عن الدين ، وخروجاً عن طاعة الإمام نفسه ، لأنّهم من صلب العقيدة وحدودها.
ولمّا كان الشهر ثلاثون يوماً لذلك كان لكل داعي جزيرة ثلاثون داعياً نقيباً لمساعدته في نشر الدعوة ، وهم قوته التي يستعين بها في مجابهة الخصوم ، وهم عيونه التي بها يعرف أسرار الخاصة والعامة ، فكانوا بمثابة وزرائه ومستشاريه في كلّ ما يتعلّق بجزيرته.
ولمّا كان اليوم أربع وعشرين ساعة ، اثنتي عشر ساعة بالليل ، واثنتي عشر ساعة بالنهار ، وجب لكلّ داع نقيب أربعة وعشرين داعياً ، منهم اثني عشر داعياً ظاهراً كظهور الشمس بالنهار ، واثني عشر داعياً محجوباً مستتراً استتار الشمس بالليل. وبعملية حسابية بسيطة نجد انّ عدد الدعاة الذين بثهم الإمام الإسماعيلي في العالم كان حوالي ٨٦٤٠ داعياً في وقت واحد.