والتاريخ يشهد على أنّه لم يكن لإسماعيل ولا لولده الإمام الثاني ، أيّة دعوة في زمان أبي جعفر المنصور ولا ولده ، بشهادة أنّ المهدي العباسي الذي تسلم عرش الخلافة بعد المنصور العباسي ١٥٨ ـ ١٦٩ هـ كان متشدداً على أصحاب الأهواء والفرق ، وكتب له ابن المفضل صنوف الفرق صنفاً صنفاً ، ثمّ قرأ الكتاب على الناس ، فقال يونس : قد سمعت الكتاب يقرأ على الناس على باب الذهب بالمدينة ، ومرّة أُخرى بمدينة الوضاح ، فقال : إنّ ابن المفضل صنف لهم صنوف الفرق فرقة فرقة حتىٰ قال في كتابه : وفرقة يقال لهم الزرارية ، وفرقة يقال لهم العمارية أصحاب عمار الساباطي ، وفرقة يقال لهم اليعفورية ، ومنهم فرقة أصحاب سليمان الأقطع ، وفرقة يقال لهم الجواليقية. قال يونس : ولم يذكر يومئذ هشام بن الحكم ولا أصحابه. (١)
ترى انّه يذكر جميع الفرق المزعومة للشيعة ، حتى يذكر العمارية المنسوبة إلى عمار الساباطي الذي لم يكن له يوم ذاك أيّ تابع إلّا كونه فطحياً مؤمناً بإمامة عبد الله الأفطح ، ولا يذكر الإسماعيلية ؟! فلو كانت لإسماعيل دعوة سرية أيّام المنصور ، ثمّ لابنه محمد ، حيث كانا ينتقلان من بلد إلى بلد ، كان من المحتّم مجيء اسمه في قائمة أصحاب الأهواء. كلّ ذلك يدلّ على أنّ المذهب قد نشأ بعد لأي من الدهر.
إلى هنا تمّ البحث في الإمام الأوّل ، وكانت حصيلته هي :
أنّ الرجل كان رجلاً ثقة ، محبوباً للوالد ، وتُوفي في حياة والده وهو عنه راض ، ولم تكن له أيُّ دعوةٍ للإمامة ، ولم تظْهر أيَّ دعوة باسمه أيّام خلافة المهدي العباسي الذي تُوفي عام ١٦٩ هـ ، وقد مضى على وفاة الإمام الصادق عليهالسلام إحدى وعشرون سنة.
______________________
١. الكشي : الرجال : ٢٢٧.