أصحابه الأجلّاء ، ممّن تتلمذوا في مدرسة الحركات السرية ، حتى يفتعل موت ابنه بمرأى ومسمع من الناس ، وهو بعدُ حيّ يُرزق ، ولم يكن عامل الخليفة بالمدينة المنورة بليداً ، يكتفي بالتنويه ، حتى يتسلَّم المحضر ويبعث به إلى دار الخلافة العباسية.
والعجب أنّ الكاتب يذكر في كلامه الثاني أنّ عامل الخليفة في المدينة كان بدوره من الإسماعيليين ، مع أنّه لم يكن في ذلك اليوم أثر للإسماعيلية : « وكانت الإمامة لأبيه الإمام الصادق عليهالسلام فكيف يكون في حياة الصادق عليهالسلام من الإسماعيلية ؟! وأعجب منه أنّه يعتمد في إثبات معتقده بدستور المنجمين ، ثمّ يذكر له مصدراً في التعليقة بالشكل التالي « بلوشيه ٥٧ ـ ٥٨ دى خويه ٢٠٣ ».
إنّ عقيدة إسلامية مبنيّة على تنبّؤ المنجمين ـ وما أكثر أخطائهم ـ عقيدةٌ منهارةٌ وفاشلة.
ولو أنّ هؤلاء التجأوا في تصحيح إمامة ابنه ، محمد بن إسماعيل إلى القول بعدم بطلان إمامة إسماعيل بموته في حياة والده ، ولمّا توفي الإمام الصادق تسلّم عبد الله بن إسماعيل الإمامة من والده ، لكان أرجح من اللجوء إلى بعض الأساطير التي لا قيمة علمية لها في مجالات البحوث التاريخية والعقائدية المبتنية على أُسس علمية دقيقة.
والحقّ أنّه توفي أيام حياة أبيه ، بشهادة الأخبار المتضافرة التي تعرفت عليها ، وهل يمكن إغفال أُمّة كبيرة وفيهم جواسيس الخليفة وعمالها ؟! وستر رحيل إسماعيل إلى البصرة بتمثيل جنازة بطريقة مسرحيّة يعلن بها موته فانّه منهج وأُسلوب السياسيين المخادعين ، المعروفين بالتخطيط والمؤامرة ، ومن يريد تفسير فعلَ الإمام عن هذا الطريق فهو من هؤلاء الجماعة « وكلّ إناء بالذي فيه ينضح » . وأين هذا من وضع الجنازة مرّات وكشف وجهه والاستشهاد على موته وكتابة الشهادة على كفنه ؟!