كان جمع بين حسن الاوصاف ومكارم الاخلام وحسن الصورة وسعة الصدر وحسن العشرة وكثرة الايصال ، واحتمال الاذى. وبذل المعروف ما لا يضاهيه في ذلك أحد من ابناء جنسه وكان له ميل الى الاشتغال بالعلم والادب وعنده ذكاء مفرط ، وحدة ذهن ، وعبارة حلوة ، وآدابه ملوكية ، لم ير في زمانه أوفر عقلا منه ، وكان له وقار وحشمة وميل الى ارباب القلوب واصحاب الاشارات ، يلازمهم ويقتدي بهم ، ويمتثل ما يأمرونه به ، ويزور الصلحاء حيث سمع بهم. وروى عن ابن اللتي ، وتوفي في شهر رمضان سنة اثنتين وثمانين وستمائة ، وصلي عليه بالجامع الاموي وحمل الى تربة جده الملك المعظم بسفح قاسيون وهو في عشر الاربعين لم يبلغها انتهى.
[الملك المعظم]
وقال الاسدي في تاريخه في سنة اربع وعشرين وستمائة : الملك المعظم عيسى بن ابي بكر بن ايوب بن شادي. السلطان الملك المعظم شرف الدين عيسى ابن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر محمد صاحب دمشق الفقيه الحنفي الاديب. ولد بالقاهرة سنة ست وسبعين «قيل» انه ولد بعد اخيه موسى بليلة واحدة ، ونشأ بالشام وحفظ القرآن ، وتفقه على الشيخ جمال الدين الحصري ، وبرع في المذهب ولازم التاج الكندي مدة ، وكان ينزل الى داره بدرب العجم من القلعة والكتاب تحت ابطه فيأخذ عنه كتاب سيبويه ، وشرحه للسيرافي ، واخذ عنه الحجة في القراءات لابي علي الفارسي والحماسة وغير ذلك من الكتب المطولة ، وحفظ الايضاح في النحو ، وسمع المسند من حنبل وسمع من عمر بن طبرزد وغيره ، واعتنى بالجامع الكبير فشرحه في عدة مجلدات بمعاونة غيره ، وصنف في العروض ،