واستنزافه من جهة أخرى. وقبل هيرودوس المهمة ، ودفع ثمنا غاليا ، لكنه أثبت قدرته في النهاية ، كما ظل بعيدا عن الانخراط المباشر في الصراع بين أكتافيوس وأنطونيوس.
وفي الحرب مع الأنباط ، هزم هيرودوس في معركة قنات (الحوران). وتواكبت الهزيمة مع هزة أرضية ضربت فلسطين وأحدثت خرابا كبيرا. فاضطر هيرودوس إلى طلب الصلح من مالكوس (مالك) ، ملك الأنباط الذي رفض فاستمرت الحرب ، وكسبها هيرودوس في النهاية. وعندما رأى هيرودوس أن الكفة تميل لمصلحة أكتافيوس ، سارع إلى تقديم المساعدة إلى ديديوس ، والي سورية من قبل أكتافيوس في قتاله مع عصابات المجالدين التابعين لأنطونيوس. وبعد حسم الصراع ، توجه هيرودوس إلى ملاقاة أكتافيوس في رودس ، ووضع نفسه في خدمته. ورضي عنه الإمبراطور ، وثبّته في ملكه ، بل زاده أرضا ونفوذا. لكن هيرودوس ، الذي كان يشك في نوايا أكتافيوس إزاءه ، عمد قبل سفره لمقابلة الإمبراطور إلى قتل هوركانوس العجوز ، الكاهن الأكبر وحليف أنتيباتر سابقا.
ومع أنه وصل إلى مقر أكتافيوس وهو يحمل أوراقا قوية : النصر على الأنباط وتقديم المساعدة إلى ديديوس والنجاح في ضبط أوضاع يهودا في أثناء الصراع بين أكتافيوس وأنطونيوس ، فقد ظل يخشى بقايا الحشمونيين الذين يتمتعون بتأييد شعبي. وعلى الرغم من أن أكتافيوس اعتمده ملكا ، وأعاد له الأراضي التي سلخها بومبي عن يهودا ، وأضاف عليها أراضي واسعة في شرق الأردن ، فقد استمر هيرودوس في مطاردة الحشمونيين وتصفيتهم. فأعدم زوجته مريم الحشمونية ، وأمها ألكسندرا ، التي كانت على اتصال مع كليوباترا ، ولاحقا أعدم ابنين له من مريم. وقضى على عائلة بابا القريبة من الحشمونيين ، وعلى غيرها من الأدوميين المعارضين. وظل هيرودوس حتى آخر أيام حياته لا يتهاون في أمر أية معارضة لسلطته المطلقة ، ولا يتساهل في تكريس نفسه حاكما وحيدا في يهودا ، وحليفا لا منافس له في العلاقة مع روما.
وبالاستناد إلى نفوذه الكبير في روما ، الذي قام على شبكة علاقات شخصية واسعة ، فضلا عن «الصك» الرسمي بتعيينه ملكا من قبل السينات (مجلس الشيوخ) ، جمع هيرودوس في يديه صلاحيات واسعة جدا في يهودا الموسعة. فقد كان قائد الجيش ورئيس الإدارة المدنية ، والمرجعية القانونية والقضائية ، وفي يده مقاليد المال والضرائب. وبالتدريج ألغى هيرودوس المؤسسات المشاركة في السلطة من أيام الحشمونيين ، وتحديدا «السنهدريا» ، التي حلت محل «الجيروشيا» (مجلس الأعيان).