على زمام الأمور فيها ؛ وخارجيا ، عبر متابعة الصراع مع البيزنطيين بنشاط كبير. ومعاوية ، الأموي النسب ، استند إلى قاعدة حكمه في بلاد الشام ، عندما دخل في صراع مع الخليفة علي بن أبي طالب على الخلافة ، وكسب المعركة.
وبعد أن قتل الخليفة القوي ، عمر بن الخطاب ، غيلة سنة ٦٤٤ م ، على يد أبي لؤلؤة (المجوسي) ، مولى المغيرة بن شعبة (الثقفي) ، انتقلت الخلافة من دون مشكلات تذكر إلى عثمان بن عفّان (الأموي). وقد تمّ ذلك عبر «مجلس شورى» ، سمّى أعضاءه عمر بن الخطاب قبل موته ، لانتخاب خليفة له. وفاز عثمان بن عفان على علي بن أبي طالب بالتزكية ، لكن مجلس الشورى اشترط على عثمان «ألّا يحمل بني أمية على رقاب الناس.» وقد أقرّ عثمان معاوية على بلاد الشام ، وأضاف إليه جند الجزيرة. وبعد مقتل عثمان في الفتنة الأولى (٦٥٦ م) ، تخندق معاوية في ولايته الشامية ، وتزعّم الحركة المطالبة بدم عثمان ، كونه أبرز بني أمية ، وامتنع من بيعة علي ، حتى يقتصّ من قتلة عثمان. وبذلك اندلع الصراع بين علي ومعاوية ، وانتهى بمقتل علي ، واستئثار معاوية بالحكم ، وبالتالي تأسيس سلالة أموية للخلافة ، سماها بعض المحدّثين المناهضين للأمويين «الملك العضوض» ، كما ورد في الحديث النبوي الشريف.
وما من شك في أن ولاية معاوية الطويلة في بلاد الشام (عشرون عاما في عهد ثلاثة خلفاء) كانت رصيدا قويا له في صراعه بشأن الخلافة ضد الإمام علي. وقد مكنته هذه القاعدة الشامية ، فضلا عن ما عرف عنه من شيمتي الحلم والدهاء ، من مناجزة علي والتغلب عليه. وفي صفّين ، وقفت أجناد بلاد الشام بحزم مع معاوية. ومن جند فلسطين نفرت لمساندته قبائل الأزد وكنانة ولخم وخثعم ؛ ومن جند الأردن : قضاعة ومذحج وهمدان وغسان. وبعد المواجهة العسكرية في صفّين ، ثم السياسية في «تحكيم أذرح» (جنوب فلسطين) ، مالت الكفة إلى جانب معاوية. وجاء اغتيال عليّ (على يد ابن ملجم الخارجي) ليحسم الصراع لمصلحة مؤسس ملك بني أمية ، معاوية بن أبي سفيان. واختار معاوية أن يأخذ بيعة الناس له بالخلافة في بيت المقدس سنة ٦٦٠ م ، نظرا إلى موقع المدينة الديني ، ولأن أرض الحجاز كانت لا تزال هاشمية الولاء ، وتفضل «آل البيت» على بني أمية.
وبسبب ميزاته الشخصية ، وكذلك موقع ولايته في بلاد الشام ، كان معاوية من أبرز الولاة في عصر الفتوح الأول ، وحتى في أيام الخليفة عمر بن الخطاب. وكان معاوية قد التحق بجيش أخيه يزيد ، وما أن تمّ فتح بلاد الشام ، واستقرت الأمور فيها ، حتى أصبح واليا عليها. فقد مات أبو عبيدة بن الجراح ، ومن بعده يزيد بن أبي