(٧٥٠ م) ، وهزم مروان بن محمد ، واتّجه إلى الأردن ، ففلسطين ، فمصر ، حيث قتل في صعيدها.
فبعد معركة الزاب ، انسحب مروان ، المعروف بجلده على تحمل مكاره القتال إلى حرّان ، ومنها إلى دمشق فالأردن ، حيث واثبه هاشم بن عمر العنسي ، ومعه بنو مذحج ، بينما انضم إليه ثعلبة بن سلامة العاملي. ثم قدم فلسطين ، فثار عليه ضبعان بن روح بن زنباع الجذامي ، وانتصر له يزيد بن روح بن زنباع الجذامي ، ونزل مروان بجيشه في أبي فطرس (أنتيباترس ـ رأس العين) ، ومنها هرب إلى مصر حيث قتل. وسار عبد الله بن علي العباسي في إثره ، فاستسلم له جند الأردن ، ثم تبعه جند فلسطين ، من دون قتال يذكر. ومع ذلك ، أعمل عبد الله السيف في رقاب فلول بني أمية وأنصارهم. ويروى أنه ذبح ثمانين (وفي رواية اثنين وسبعين) من وجوه بني أمية في رأس العين ، بعد أن دعاهم إلى مقابلته ، وطمأنهم على أرواحهم وأملاكهم ، لكنه غدر بهم ، وفرش بساطا على جثثهم ، وجلس عليه مع صحبه يتناول طعامه وشرابه. ويتضح من المصادر المتوفرة ، وهي كلها بالطبع عربية عراقية المنشأ ، وفيها تباين في الروايات ، أن عرب الشام لم يقفوا كلهم بحزم إلى جانب الأمويين في ساعة محنتهم ، ولعل جملة من الأسباب تكمن وراء ذلك. فالمشروع الأموي للقضاء على بيزنطة لم يتحقق ، وإنما راوح مكانه بعد النجاحات الأولى. والهزيمة التي ألحقها الروم بجيش مسلمة بن عبد الملك ، في أيام أخيه سليمان (٧١٥ ـ ٧١٧ م) ، على أسوار القسطنطينية كانت عالية الكلفة بالمال والرجال. وكان من نتيجتها ازدياد حدة التململ بين الناس ، وبالتالي مبايعة عمر بن عبد العزيز خليفة ، لامتصاص النقمة. ولكن أبناء عبد الملك عادوا إلى الحكم ، وبعد موت هشام ، استشرى الفساد في جهاز الدولة ، ودبت الفوضى في البلاط الأموي ، وانفضّ الناس من حولهم. وهناك أيضا سبب موضوعي ، وهو انتقال ثقل الدولة الإسلامية إلى الشرق ، ذي التراث الفارسي ، بعد زوال الإمبراطورية الساسانية ، واعتناق شعوبها الإسلام ، فأصبحوا الأغلبية الساحقة من السكان. والدولة العباسية ، شكلا ومضمونا ، هي تعبير عن هذه التحوّلات.
والتحوّلات التي واكبت قيام الدولة العباسية ، جعلت من بلاد الشام ولاية يجب تطويعها ، بعد أن كانت قاعدة لسلطة تسعى لتطويرها. وإضافة إلى سياسة البطش والعسف التي سلكها العباسيون في بداية حكمهم لاقتلاع أثر الأمويين وإخضاع بلاد الشام ، فقد عمدوا إلى استغلال التناقض بين القبائل فيها ، وإذكاء النعرات بين اليمانية والقيسية. وفي البداية قربوا اليمانية ، كونهم الأقوى ، ثمّ ما لبثوا أن انقلبوا عليهم لإضعافهم ، فاستمالوا القيسية. والولاية التي فقدت امتيازاتها السابقة ، عانت كثيرا من