العربي عن السلطنة العثمانية ، وتعمل من أجله.
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر ، بدأت تظهر في بلاد الشام ومصر صحف دورية ويومية ، التفت حولها مجموعات من المثقفين ، فأصبحت مراكز سياسية ـ ثقافية ، يؤمها الكثيرون من الوطنيين. ففي سنة ١٨٥٨ م ، صدرت الصحيفة الأولى في بلاد الشام ـ «حديقة الأخبار» ـ التي كان يحررها خليل الخوري. وفي سنة ١٨٦٠ م صدرت صحف أخرى في إستنبول وتونس وباريس ، كما في دمشق (١٨٦٥ م) ، وحلب (١٨٦٦ م). وفي سنة ١٨٧٠ م أسس بطرس البستاني صحيفة «الجنان» في بيروت ، والتي كان شعارها «حب الوطن من الإيمان». وفي سنة ١٨٧٦ م أنشأ فارس النمر ويعقوب صرّوف مجلة «المقتطف» ، واضطرا ، بسبب مطاردة نظام عبد الحميد لهما ، إلى الانتقال بها إلى القاهرة (١٨٨٣ م). وفي مصر كانت تصدر «الوقائع المصرية» منذ سنة ١٨٢٨ م كصحيفة رسمية. وفي سنة ١٨٦٧ م صدرت صحيفة «وادي النيل». وفي سنة ١٨٧٥ م تأسست في القاهرة صحيفة «الأهرام» ، على يد الأخوين سليم وبشير تقلا. وفي سنة ١٨٨٩ م أصدر صاحبا «المقتطف» جريدة «المقطم». وفي سنة ١٨٩٢ م صدرت في مصر مجلة «الهلال» الشهرية ، التي أسسها جورجي زيدان. إن النهضة الثقافية العربية في القرن التاسع عشر ، لم تتوقف عند الصحافة كتعبير عن التحولات الجارية في المجتمع والدولة ، وإنما تجاوزت ذلك إلى إحياء التراث ، الديني والأدبي ، عبر طباعة المخطوطات القديمة ونشر الكتب الجديدة ، مستفيدة من انتشار المطابع في الشرق. وقد ساعدت هذه المنشورات على زيادة التفاعل والتواصل بين المثقفين والمفكرين ، وحتى بين الحركات السياسية. والسياسة في الأساس كانت وطنية ، تتمحور حول الاستقلال الوطني ، وبدأت في مصر ، معبرة عن ردة فعل القوى المحلية على التدخل الأجنبي ، وخصوصا البريطاني ، في شؤون البلاد. وقد عبر عنها مصطفى كامل (١٨٧٤ ـ ١٩٠٨ م) فكرا وممارسة. ولضرورات المواجهة ، كان لا بدّ للحركة الوطنية من إعداد أدواتها وحشد قواها ، الأمر الذي قادها إلى صوغ حالة من الوعي الوطني ونشرها ، وكذلك إلى الاهتمام بشؤون الناس ، الذين هم مادة المشروع الوطني المناهض للاستعمار. وعبر المنشورات ووسائل الاتصال والنقل ، انتقلت الأخبار والأفكار ، وحتى الجماعات السياسية. وتعزز التفاعل بين مصر وبلاد الشام. وفي عهد السلطان عبد الحميد الاستبدادي ، كانت مصر موئل الهاربين من بلاد الشام ، بسبب ظلم الحكم وقمعه.
وفي بلاد الشام ، وبينما التدخل الأجنبي على قدم وساق ، تمحورت الحركة الوطنية على العلاقة مع الدولة العثمانية ، وبالتالي المطالبة بالاستقلال عنها ، حتى لو